وفقاً للفصلين الأول والثاني، من المتعارف عليه بوجه عام أن جودة المعلم عامل محدِّد مهم - مع أنه ليس الوحيد - لنتائج التعليم. إذ يعتمد التدريس والتعلم الجيّدان على مستويات عالية من الاحترافية المهنية للمعلم واستقلاله: يحتاج المعلمون إلى أن يكونوا وكلاء نشطين في ضمان التدريس والتعلم الفعالين. ويجب أن تكون جودة المعلم مدعومة بفهم واضح للسياق والعمليات التربوية التي تنتج تعلماً جيداً وكيف يمكن لممثلي المعلمين تنفيذها (Sayed and Ahmed, 2014).
يعد توفر المعلمين الجيدين شرطاً ضرورياً، ولكنه ليس شرطاً كافياً لنجاح التعليم. والتدريس الجيد هو نتيجة لمجموعة معقدة من المهارات والكفاءات المختلفة وبيئات العمل والدعم، بالإضافة إلى عوامل مثل الحماسة والالتزام. وتظهر مجموعة من البيّنات أن عدداً من العوامل تؤثر إيجاباً وسلباً في جودة المعلم أو أدائه. وتشمل: التعليم الأولي، والتطوير المهني المستمر والمؤهلات، وأحجام الفصول ونسبة التلاميذ إلى المعلمين؛ وشروط التوظيف، ويشمل ذلك المكافآت والحوافز؛ وظروف وبيئة العمل؛ والحصول على الموارد؛ واحترام المعلمين وحالتهم الاجتماعية والمهنية المتصورة؛ والمشاركة في القرارات التي تؤثر فيهم؛ والاستقلال المهني.
ويبحث هذا الفصل أهم الجوانب التي يتوجب على السياسة المعنية بالمعلم التعامل معها ومعالجتها. والكثير منها مترابط ومتجذر في السياقات التاريخية أو السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية لبلد معين أو نظام تعليمي معين. ولذلك، يجب معالجتها معاً لكونها جزءاً من سياسة شاملة ومتكاملة معنية بالمعلم.
ومع أن هذا الفصل يركز بوجه خاص على أهم عناصر السياسة المعنية بالمعلم، فإنه يجب النظر إليها أيضاً في سياق البلد أو نظام التعليم المعني. وبعض هذه العناصر كانت موضوع بحث ودراسة مستفيضين، والمساحة المتاحة لا تسمح بمناقشة شاملة لكل جانب منها. ويحدد هذا الفصل المبادئ الأساسية لكل جانب؛ ثم يوفر مراجع لمصادر أكثر تفصيلاً (بصيغة شكل مراجع مضمنة وروابط إلكترونية)، للسماح لمستخدمي هذا الدليل بالبحث بمزيد من التفصيل، حسب الحاجة. ويقدم هذا الفصل المبادئ الأساسية لتسعة جوانب رئيسية تعد حاسمة لأي سياسة شاملة معنية بالمعلم:
يحدد الفصل 3 الأبعاد الرئيسية التسعة لسياسة المعلم الوطنية. أثناء قراءتك ، فكر في سياقك الخاص ولكل بُعد ، حدد ثلاثة جوانب تمثل تحديًا خاصًا أو ذات صلة بالسياق الخاص بك.
فمثلا:
تحت 3.1 ، حددت إليزابيث التي تعمل في المملكة المتحدة:
تحت 3.3: حددت فلورانس التي تعمل في زامبيا:
عندما تصل إلى نهاية هذا الفصل ، يجب أن تحدد ثلاث أولويات في سياقك لكل من الأبعاد التسعة.
يعد توظيف المعلمين واستبقاؤهم جانباً أساسياً من السياسة المعنية بالمعلم. يركز هذا القسم على الحاجة إلى استراتيجية توظيف تعتمد على:
يجب النظر إلى استراتيجية توظيف المعلمين واستبقائهم على أنها مكمل ضروري لبرنامج أو خطة التعليم الوطنية (انظر الفصل الثاني، الجدول 2.1)، وسواء كانت الاستراتيجية نفسها وطنية أو لا مركزية / محلية، يجب أن تأخذ في الاعتبار وعلى قدم المساواة:
يجب أن تأخذ استراتيجية التوظيف في الاعتبار العوامل التالية (الحالية والمتوقعة):Footnote 7
ويتطلب التخطيط لاستراتيجية التوظيف الحصول على المعلومات الآتية:
يجب أن يكون للسياسة المعنية بالمعلم استراتيجية توظيف لضمان دخول عدد كاف من المعلمين “المناسبين” في المهنة. ويجب تحديد الخصائص المطلوبة للمعلمين وتحديد كيفية جذب المرشحين مع ملف التعريف المطلوب. وبالمثل، يجب أن تتضمن الاستراتيجية خططاً لاستبقاء المعلمين: فليس من الكفاءة لأنظمة التعليم استخدام الموارد البشرية والمالية الثمينة لتدريب المعلمين وتوظيفهم ما لم يبقوا في المهنة لمدة لا تقل عن حد أدنى معين. وتشمل استراتيجيات استبقاء المعلمين ما يلي:
وتظهر مجموعة متزايدة من البيّنات أن تناقص عدد المعلمين وانخفاض الحافز مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بعوامل مثل ظروف العمل والتوظيف، والأجر، والتوقعات المهنية، والدعم الإداري للمعلمين (على سبيل المثال، دفع الرواتب في وقتها المحدد)، ونسبة التلاميذ إلى المعلمين / أحجام الفصول الدراسية، وظروف المعيشة (خاصة الإسكان والنقل) والرعاية الصحية (Bennell, 2004; Bennell and Akyeampong, 2007; Mulkeen, 2010; Mulkeen and Chen, 2008; VSO, 2002 and 2008). وفي حال عدم توفر المعلومات الخاصة بالبلد المعني، قد يُطلب إجراء بحث بشأن العوامل التي تؤثر في توظيف المعلمين واستبقائهم، والتحفيز في سياق معين.
ويجب أن تكون استراتيجية حذب المعلمين واستبقاؤهم خاصة بسياق معين، وأن تتناول على نحو مباشر تلك العوامل التي ثبت أنها تقلل من جاذبية التدريس وتعيق عملية التوظيف وتساهم في معدلات التناقص (الإطار 3.1).
إن عدم الحصول على سكن مناسب هو أحد الأسباب التي ذكرها المعلمون لمغادرتهم المهنة. وكثيرا ما يكون هذا الأمر عائقا أمام النشر في المناطق الريفية النائية. وبناء عليه، قامت السلطات التعليمية أو المجتمعات بتوفير السكن لاستبقاء المعلمين في عدد من البلدان الأفريقية الناطقة باللغة الإنجليزية: ً في غامبيا، حيث يمتلك زهاء 25 % من المعلمين اشكال الإسكان المدرسي، تستخدم الحكومة أموال المانحين لتوفير سكن دائم للمعلمين في المناطق الريفية، بلا مقابل. ويؤثر توفير السكن بالتزامن مع كلفة بدل المشقة الكبرى للنشر الريفي، حتى 40 % من الراتب الأساسي في بعض الحالات، تأثيرا كبيرا في جذب المعلمين واستبقائهم في المدارس الريفية.
وفي مالوي، توفر بعض المدارس مساكن للمعلمين. ويدفع المعلمون ايجارا يتسخدم للصيانة و للصيانة أو الأنشطة المدرسية الأخرى، وفقا لتقدير إدارة المدرسة.
وفي زامبيا، تستخدم مخططات مبتكرة لجذب المعلمين واستبقائهم، ومنها المخطط منطقة جويمبي حيث تمنح القروض للمعلمات في معظم المدارس الريفية لشراء الألواح الشمسية.
وقد تشجع أيضا سياسة التوظيف المعلمين المؤهلين وذوي الخبرة الذين تقاعدوا أو أخذوا فترات راحة مهنية أو غيروا المهنة على العودة إلى مهنة التدريس. وتشير البيّنات إلى أن مثل هذه السياسة يمكن أن توفر ثروة من مواهب المعلمين من ذوي ً الخبرة، ولا سيما من مجموعة المعلمات المؤهلات - اللواتي غالبا ما يكن شابات نسبيا - اللواتي أخذن فترات راحة وظيفية لاسباب عائلية (2005, OECD) ويجب أن تتم هيكلة العودة ً للمهنة بحيث تكون جزءا من سياسات الموارد البشرية التعليمية للمهنة وتكون مصحوبة بوجه خاص بالتدريب التنشيطي والتطوير المهني المستمر. فضلا عن التعيين والدعم المهني المناسبين. وعلى سبيل المثال، قامت العديد من الولايات أستراليا، مثل كوينزلاند (2013, QCT) بتنظيم برامج وتفصيلها من شأنها أن تحدد بوضوح متطلبات وشروط العودة وإعادة الدمج بمهنة التدريس.
ابتعد عدد متزايد من البلدان في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية عن نموذج هيئة التدريس المكونة إلى حد بعيد أو حصرياً من المعلمين العاملين بصورة دائمة (الخدمة المدنية أو غيرها)، بغية إشراك أعداد كبيرة من المعلمين العاملين بموجب عقود، الذين يعينون لعدة أسباب في سياقات الدول المختلفة:
وعادةً ما يُعيّن معلمو العقود بعقود مؤقتة أو محددة المدة (عادةً سنوياً). وقد لا يمتلكون مؤهلات التدريس، وغالباً ما يحصلون على الحد الأدنى من التدريب التربوي (من أسابيع قليلة إلى ثلاثة إلى ستة أشهر على الأكثر) ويتقاضون رواتب أقل بكثير من المعلمين النظاميين (تصل إلى ثُمن راتب المعلم النظامي). وفي العديد من البلدان، يكون المعلمون المتعاقدون أصغر سناً، وغالباَ ما يكونون أقل خبرة وأحياناَ أكثرهم من الإناث، لكن هذه المواصفات ليست موحدة (Duthilleul, 2005; Fyfe, 2007; Kingdon et al., 2013).
وهنالك تباين في نتائج الأنظمة المختلفة للتوظيف. فقد أدى توظيف المعلمين المتعاقدين إلى زيادة كبيرة في الالتحاق بالمدارس وانخفاض نسبة التلاميذ إلى المعلمين في دول غرب أفريقيا، حيث قدِّموا لأول مرة على نطاق واسع. ومع ذلك، لا تزال هذه البلدان تحتل مرتبة متدنية تقترب من أدنى التصنيفات الدولية في الانتفاع بالتعليم والتعلم. ومن الناحية الأخرى، لم تؤد زيادة توظيف الهند للمعلمين المتعاقدين إلى تدهور جودة التعليم، بل ربما حسنت نتائج التعلم في بعض السياقات المحلية. وأظهرت التقارير أن المستويات الدنيا من التدريب للمعلمين المتعاقدين قابلتها زيادة في أنشطة المدرسة وجهد التدريس، ولكن الاختلافات غالباً ما تكون قليلة للغاية ويكون التأثير الإجمالي ضئيلاً. ومن المرجح أن يحضر المعلمون المتعاقدون للمدرسة أكثر من معلمي الخدمة المدنية في بنين والهند، ولكن من المحتمل بقوة أن يتغيبوا عن الحضور في إندونيسيا وبيرو (Alcázar et al., 2006; Bhattacharjea et al., 2011; Chaudhury et al., 2006; Senou, 2008). وتعد نسبة التغيب عن العمل أقل بين المعلمين المتعاقدين في دول مثل بنين والهند، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنهم يعيشون عادةً في المجتمعات التي تقع فيها المدارس ولديهم مسؤوليات أقل – غير التدريس - من معلمي الخدمة المدنية (UNESCO, 2014a: 268).
وتتضمن العديد من الشروط الاستخدام الناجح للمعلمين المتعاقدين الذين لا يرتبطون ببساطة بالمجتمع المحلي. ومن بين أكبر الإجراءات مشاركة أولياء الأمور أو المجتمع، لأن المعلمين يعينون محلياً. وفي إحدى التجارب في كينيا، لوحظت فائدة تخفيض حجم الفصل الدراسي إلى النصف عن طريق التعاقد مع معلم من المجتمعات التي درِّب فيها أولياء الأمور على رصد أداء المعلمين، ولم يُسمح بتعيين أقارب معلمي الخدمة المدنية المحليين ليكونوا معلمين متعاقدين (Duflo et al., 2012). وبالمثل، في مالي، كانت درجات التحصيل لمواد اللغات والرياضيات للصفين الثاني والخامس أعلى دائماً لدى المعلمين المتعاقدين الذين رصد المجتمع المحلي أداءهم عن كثب (Bourdon et al., 2010; UNESCO, 2014a: 259).
وطُوِّر العديد من المبادرات لدمج المعلمين المتعاقدين تدريجياً في قوى التدريس الوطنية. واستوعبت أعداد المعلمين العاملين بموجب عقود والمعلمين من المجتمع المحلي في بنين في الخدمة المدنية من خلال التدريب اللازم لتلبية معايير ما قبل الخدمة الوطنية. ويوجد في إندونيسيا برنامج تقييم طموح للمعلمين والتطوير المهني، لدمج النسبة المئوية الكبيرة من المعلمين المتعاقدين في الخدمة المدنية، على حساب زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي على التعليم (Chang et al., 2014; UNESCO, 2014a: 258).
وتوفر العديد من المبادرات الواعدة دعم التطوير المهني للمعلمين غير المدربين من خلال التعليم عن بعد. ففي غانا، يوفر برنامج دبلوم المعلمين غير المدربين - لمرحلة التعليم الأساسي - الدعم لأكثر من نصف المعلمين غير المدربين في أكثر من خمسين منطقة أقل حظاً (UNESCO, 2014a: 249).
ويمكن توظيف معلمي المجتمع غير المدربين أو غير المؤهلين تقديم الدعم للمدارس في المناطق النائية والمجتمعات المهمشة. ففي فيتنام، قدم برنامج مساعدي التدريس وبرنامج الاستعداد للالتحاق بالمدرسة، الذي بدأ في عام 2006، التعلم لأكثر من 100.000 طفل. ونُشِر أكثر من 7000 مساعد تدريس ثنائي اللغة، وظِّفوا محلياً، في 32 مقاطعة لمساعدة أطفال الأقليات العرقية في المناطق النائية في الاستعداد للالتحاق بالمدرسة من خلال أنشطة التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة لمدة شهرين قبل دخولهم الصف الأول؛ وزوِّد الأطفال بإرشادات إضافية بمجرد دخولهم المدرسة، وشمل ذلك المساعدة في تعلم اللغة الفيتنامية (Harris, 2009; UNESCO, 2014a: 280). وفي كمبوديا، عادة ما يتعين على المعلمين المتدربين إكمال الصف الثاني عشر للالتحاق بالتدريس؛ ومع ذلك، خُفِّف هذا الشرط للمناطق النائية حيث لا يتوفر التعليم الثانوي للمرحلة العليا، مما أدى إلى زيادة المعروض من المعلمين المتحمسين للبقاء في المناطق النائية والقادرين على التدريس باللغة المحلية (Benveniste et al., 2008; UNESCO, 2014a: 235).
ووضعت بعض البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط أنظمة مماثلة للتوظيف المباشر لخريجي الجامعات من التعليم العالي. طرق التعيين البديلة هذه، التي بدأت لأول مرة في الولايات المتحدة باستخدام برنامج “التدريس من أجل أمريكا”، توظف خريجي الجامعات الذين لديهم الحافز للتدريس في المدارس الحضرية والريفية المحرومة، مما يوفر لهم توجيهاً وتدريباً أولياً محدوداً قبل بدء التدريس. وقد امتدت هذه البرامج إلى العديد من دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ودول أمريكا اللاتينية. وأظهرت المراجعات المستقلة لبرنامج “التدريس من أجل أمريكا” أن المعلمين فعالين في تحقيق نتائج التعلم بناءً على الاختبارات المعيارية مثل المعلمين الآخرين غير المدربين، ولكن ليسوا فعالين مثل المعلمين المبتدئين المعتمدين الذين خضعوا لبرنامج تعليم المعلمين التقليدي. فضلاً عن ذلك، يترك 50% من هؤلاء الشباب التدريس بعد عامين و80% بعد ثلاث سنوات - وهي نسبة أعلى من متوسط معدلات التناقص في الولايات المتحدة الأمريكية. والمعدل المرتفع لهذا التغير مكلف من حيث توفير بيئات تعلم مستقرة للتلاميذ المحرومين وتكاليف التوظيف الإضافية للسلطات التعليمية التي تستخدمهم (Vasquez Heilig and Jez, 2014: 1, 13–14).
وعلى السياسة المعنية بالمعلم أن تزن بعناية إيجابيات التوظيف الواسع النطاق للمعلمين المتعاقدين وسلبياته فيما يتعلق بالانتفاع بالتعليم وأهداف الجودة والتنوع. فعلى الرغم من كون توظيف المعلمين بموجب عقود ضرورياً ومفيداً في كثير من الأحيان لتعزيز الوصول إلى المناطق الريفية والنائية في البلدان المنخفضة الدخل، إلا أن وجود نظام مزدوج للمؤهلات والمعايير للالتحاق بمهنة التدريس يسفر عن وضع مهني يعوق توظيف مرشحين ذوي جودة عالية في الأجل الطويل. ويمكن أن يؤدي أيضاً مثل هذا البرنامج إلى بيئة تدريس وتعلم ذات جودة أقل، ناتجة عن توتر العلاقة وقلة التعاون بين المعلمين المتعاقدين والمعلمين المعينين بصورة دائمة. ومع أن بعض الأمثلة التي نوقشت أعلاه تظهر أنه من الممكن صياغة سياسة جيدة في ظروف أقل مثالية، فلدى وضع سياسة مناسبة للمعلمين الموظفين بموجب عقود مؤقتة والمعلمين من المجتمع المحلي، من المستحسن اتباع ما يلي:Footnote 8
توجد لدى معظم الدول إجراءات معمول بها لاعتماد المعلمين أو منحهم شهادات لضمان امتلاك الأفراد الراغبين في التدريس للمعارف والكفاءات والسمات اللازمة. وتختلف هذه الإجراءات على نطاق واسع، ولكنها قد تشمل مستويات التعليم ومهارات التدريس والمواطنة والكفاءة في لغة التدريس والفحوص الطبية والأمنية. ويرغب الأفراد العاملون على تطوير سياسة معنية بالمعلم في العمل مع الهيئات المهنية (مثل مجالس التعليم المهني حيثما وجدت) أو إنشاء مثل هذه الهياكل في حال عدم وجودها، لضمان مراعاة إجراءات اعتماد المعلمين لسياسة التطوير والتعليم الأشمل. وستشمل هذه الإجراءات استعراض هيئات وإجراءات الاعتماد، فضلاً عن ضمان الاتساق بين سياسة الاعتماد وتعليم المعلمين (انظر القسم 3.2) والمعايير المعنية بالمعلمين (انظر القسم 3.6). ومن المهم التأكد من أن إجراءات الاعتماد شفافة ومنصفة، ولن تؤدي إلى استبعاد مجموعات أو أفراد بعينهم (DarlingHammond, 2001: 751–776; ILO, 2012: 16–17).
يعد الإنصاف والشفافية في توظيف المعلمين واستبقائهم من المبادئ الأساسية. ويجب أن يُفهم الإنصاف على أنه ليس مجرد ممارسة شاملة من حيث الجنس والعمر واللغة والعرق، ولكنه منهج أوسع يؤثر في عملية التوظيف بأكملها. على سبيل المثال، يجب أن تتضمن سياسة التوظيف وإجراءاته تدابير عملية لضمان المساواة في الوصول إلى المرشحين ذوي الإعاقة، وكذلك المرشحين الذين ينتمون إلى الأقليات، أو الذين ينتمون إلى المجتمعات الريفية، أو الذين لديهم مسؤوليات عائلية أو المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. وهذا يتطلب سياسات أو إجراءات معينة كما يلي:Footnote 9
يعد قادة المدارس الفعالون من بين المحددات الرئيسية للمدارس الفعالة، والمعلمين الفعالين، وعليه تكون المخرجات التعليمية جيدة. ومع ذلك، في العديد من السياقات، يُختار قادة المدارس أو “القادة / الرؤساء العاملون» من بين أعضاء هيئة التدريس الحاليين ويعينون في وظائف القيادة المدرسية من غير امتلاك المهارات أو التدريب أو السلطة اللازمة لأداء الدور بصورة فعالة (ILO, 2012: 42; OECD, 2014a: 68–70). ويجب أن تنص السياسة المعنية بالمعلم على تعيين قادة المدارس على أساس مبادئ الكفاءة والإنصاف والشفافية. ومع أنه يمكن الجمع بين القيادة المدرسية والتدريس في الفصول الدراسية في بعض السياقات، فإنه يجب تعيين قادة المدارس رسمياً وتعويضهم عن مسؤولياتهم القيادية.
ويرتبط تعيين قادة للمدارس ارتباطاً وثيقاً بالتدريب على فن القيادة المدرسية وتعليمه، سواء كان ذلك قبل التعيين أو في أثناء الخدمة، كونه جزءاً من التطوير المهني المستمر. ويجب أن تستند الإجراءات إلى المعايير المطلوبة من قادة المدارس من حيث المؤهلات والمعارف والكفاءات والسمات (انظر القسمين 3.7 و3.7.3). ومن المرجح أن تشمل معايير المؤهلات لقادة المدارس مزيجاً من المؤهلات الأكاديمية والتدريب المهني والإداري (ويشمل ذلك التركيز على فن إدارة المدرسة والقيادة وتحسين الشؤون المدرسية) والحد الأدنى من فترة التدريس (ILO, 2012: 43; OECD, 2014a: 71–72).
ويجب أن تستند عملية التوظيف على هذه المعايير وأن تكون مصممة لتحديد المرشحين الذين تنطبق عليهم هذه المعايير بطريقة شفافة وواضحة. وتمت التوصية بإطار إجراءات التوظيف ومعايير المؤهلات المطلوبة لتسهيل العملية. فعندما تصبح المناصب الخاصة بقادة المدارس شاغرة، يجب الإعلان عنها على نحو ملائم من خلال وسائل التواصل المحلية المناسبة التي يمكن الوصول إليها على نطاق واسع، داخل المدرسة وخارجها. وأن تكون المعلومات المتعلقة بالملف الشخصي للمرشح (مواصفات المرشح) ووصف الوظيفة وعملية التقديم واضحة ومتاحة مجاناً. وأن تضم لجان الاختيار ممثلي أرباب العمل والمعلمين وأولياء الأمور، فضلاً عن أعضاء الهيئات الإدارية المدرسية أو مجالس المدارس الذين درِّبوا على توظيف قادة المدارس. وفي حال عدم استيفاء أي مرشح للمواصفات المطلوبة، يجوز تعيين مرشح يثبت القدرة على أداء الدور بالدعم المهني الكافي والإعداد والتدريب؛ وفي مثل هذه الحالات، يجب أن يكون تأكيد التعيين مشروطاً بتحقيق المرشح للمستوى المطلوب من المؤهلات والأداء خلال إطار زمني متفق عليه (ILO, 2012: 41–45; OECD, 2009: 22, 39).
هناك متطلبات محددة للغاية من حيث توظيف المعلمين في الأوضاع الهشة وحالات الطوارئ، ومنها أوضاع ما بعد النزاع وبعد الكوارث. ويجب التخطيط لعمليات التوظيف هذه بصورة منهجية، على أن يشمل التخطيط ما يلي: وضع خطة منسقة في الأجل الطويل لضمان توفير الأعداد المطلوبة من المعلمين واستقرارهم؛ وتقديم معلومات واضحة بشأن ظروف العمل والتوظيف؛ وتوفير الدعم المهني وتنمية المهارات المهنية للمعلمين العاملين مع متعلمين يعيشون في أوضاع نزاع أو يعانون من الصدمات.
وقد أعدت الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ معايير دنيا لاختيار المعلمين وتوظيفهم في حالات الطوارئ (الإطار 3.2).
اقترحت الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ أن يكون الهدف في حالات الطوارئ: “ تعيين عدد كاف من المعلمين المؤهلين على نحو مناسب وغيرهم من العاملين في مجال التعليم من خلال عملية تشاركية وشفافة، بناءً على معايير الاختيار التي تعبّر عن التنوع والإنصاف”. وتوصي الإرشادات لتحقيق هذا الهدف بما يلي:
يعد إطار تعليم المعلمين المتسق والشامل عنصراً أساسياً في السياسة المعنية بالمعلم. “إن السياسة القوية والموضوعية لتدريب المعلمين، التي تحدد بوضوح العرض والطلب والميزانية والموارد المطلوبة، وكيف ستساعد هذه الأهداف في تحقيق أهداف التعليم، ضرورية على المستويين الوطني والدولي” (ILO, 2012: 225). ويتضمن تعليم المعلمين ثلاث مراحل مترابطة: الإعداد الأولي للمعلم؛ وفترة الالتحاق، -وعندما يبدأ المعلمون المؤهلون حديثاً في التدريس ينبغي أن يتلقوا توجيهاً ودعماً تحت الإشراف، قبل الحصول على الاعتماد أو ترخيص ممارسة المهنة - والتطوير المهني المستمر أو (ممارسات التدريس المستندة إلى البيّنات لتحسين النتائج)، وبوجه خاص للمعلمين غير المدربين أو غير المؤهلين (UNESCO, 2014a: 236).
يعد التعليم الأولي للمعلمين (المعروف أيضاً باسم تعليم أو تدريب المعلمين قبل الخدمة)عاملاً أساسياً لجودة أداء المعلم. وقد لاحظ دارلينج هاموند (Darling-Hammond (2000: 1) ما يلي:
تشير نتائج التحليلات النوعية والكمية إلى أن الاستثمار على صعيد السياسات في جودة المعلمين مرتبط بتحسين أداء الطلاب. وتشير التحليلات الكمية إلى حد بعيد بأن مقاييس إعداد المعلمين واعتمادهم هي أقوى العوامل المرتبطة بتحصيل الطلاب في مادتي القراءة والرياضيات، قبل وبعد العمل على تحسين المستوى المتدني للطلاب ومستواهم اللغوي ... ويشير هذا التحليل إلى أن السياسات التي اعتمدتها الولايات [في الولايات المتحدة الأمريكية] فيما يتعلق بتعليم المعلمين، والاعتماد، والتوظيف، والتطوير المهني قد أحدثت فرقاً كبيراً في المؤهلات والقدرات التي يستخدمها المعلمون في ممارسة عملهم.
وفي الهند، وجد أن تدريب المعلمين قبل الخدمة والحصول على شهادة الماجستير له ارتباط إيجابي كبير بنتائج المتعلمين (Kingdon, 2006). ووجدت دراسة باستخدام مجموعة بيانات اتحاد جنوب وشرق أفريقيا لمراقبة جودة التعليم أن سنوات من التدريب المهني للمعلمين أظهرت علاقة إيجابية بنتائج درجات تحصيل الرياضيات في بعض الحالات، ولكن لم يكن كذلك الحال في أربعة من أصل خمسة بلدان (Spreen and Fancsali, 2005).
ومع ذلك، يجب أن يكون التعليم الأولي جزءاً من نموذج التطوير المهني المتكامل المرتبط بالتوجيه والإرشاد في بداية العمل، والتطوير المهني المستمر طوال فترة العمل. ومن المرجح أن يُخطّط التعليم الأولي ليكون جزءاً من استراتيجية توظيف المعلمين بناءً على الاحتياجات الحالية (القسم 3.1). ولهذا، يعد التنسيق بين برامج تعليم المعلمين وإعدادهم ووزارات أو إدارات التعليم - ومنها الهياكل اللامركزية - والهيئات المسؤولة عن تمويل تدريب المعلمين وتوظيفهم أمراً ضرورياً، خاصة مع انتقال التركيز نحو المزيد من النتائج التي تعتمد على المدرسة والمرتكزة على المتعلم (ILO, 2012: 224–226; Moon, 2013: 11–14).
في كثير من الأحيان، يُوَظّف المرشحون على أساس الحد الأدنى من متطلبات الالتحاق، من غير النظر لظروفهم ودوافعهم ومدى ملاءمتهم لمهنة التدريس. وقد تتضمن عمليات الاختيار إجراء المقابلات واختبارات الأهلية من أجل الملاءمة والتحفيز. وعلى الرغم من تكاليف تنفيذها، إلا أن هذه التدابير تؤتي ثمارها في الأجلين المتوسط والطويل، من حيث تعزيز استبقاء المعلمين وجودة أدائهم. ويمكن أن يؤدي تقديم المنح الدراسية للمرشحين الأكفاء إلى تعزيز توظيف المرشحين لتدريس المواد النادرة. ويجب على واضعي السياسات الأخذ بعمليات اختيار ترمي إلى تحديد المرشحين المناسبين والمتحمسين للتدريب الأولي للمعلمين..Footnote 10
وتختلف متطلبات الالتحاق وفقاً للسياق: فمن الممكن للبلدان ذات العدد القليل من الخريجين توظيف مرشحين أكملوا التعليم الثانوي بنجاح - أو حتى عشر سنوات من التعليم - لتدريب معلمين للمرحلة الابتدائية، في حين أن المرشحين للتدريب من معلمي المرحلة الثانوية سيحتاجون إلى درجة جامعية. ومع ذلك، يجب أن يحقق الحد الأدنى من متطلبات الالتحاق التوازن بين جذب أولئك الذين لديهم مستوى تعليمي عال وفيه الكفاية وإمكانية أن يصبحوا معلمين فعالين، بجانب ضمان وجود عدد كاف من المرشحين لتلبية الاحتياجات. وبوجه عام، تعد مراجعة الحد الأدنى لمتطلبات الالتحاق من أجل رفع مستوى هذه المتطلبات استراتيجية فعالة لجذب المرشحين الأكثر تأهيلاً، ومن ثم تعزيز جودة التعليم. ومع ذلك، فلهذا الأمر أثر في الميزانية، إذ من المرجح أن يُختار المرشحون المؤهلون بصورة أفضل لقطاعات أخرى، ومن ثم الحصول على رواتب أعلى. وقد تؤدي المعايير العالية إلى تقليل التنوع في توظيف المعلمين وتؤثر سلباً في المخاوف من عدم الإنصاف - مما يؤدي إلى انخفاض أعداد المرشحين من النساء، والأقليات العرقية أو اللغوية، وذوي الإعاقة، ومن ثم، انخفاض أعداد المعلمين المقبلين - مما يستلزم المقايضة على أساس الأولوية العليا للتعليم الأولي للمعلمين (انظر أيضاً القسم 3.2.6). وبوجه عام، عندما يكون أحد أهداف السياسة المعنية بالمعلم هو تحسين جودة التعليم، يجب أن يكون الحد الأدنى لمتطلبات الالتحاق بتدريب المعلمين عالياً بما يكفي لضمان كون المعلمين ذوي المعارف الكافية والكفاءات والسمات الملائمة من خريجي برنامج تدريب المعلمين (انظر المثال في الإطار 3.3).
أدت المناقشات بشأن سبل تحسين جودة التدريس والتعلم في المدارس في نيوساوث ويلز، بأستراليا، إلى وضع مخطط للعمل، والتدريس المميز و التعلم الملهم. أساسا للإصلاح وإدراكا بأن أداء التلاميذ يتأثر بشدة بجودة المعلم، فإن ذلك يشمل التوجيهات المستقبلية لتعيين المرشحين المناسبين لبرنامج التعليم الأولي للمعلمين.
”سيكون المشاركون في البرنامج من أصحاب الأداء الأكاديمي العالي، والذين لديهم مهارات جيدة في القراءة والكتابة والحساب والذين أبدوا القدرة على التدريس“. ويجب على المتقدمين المقبولين في التعليم الأولي للمعلمين تحقيق الحد الأدنى من الدرجات في الامتحانات النهائية للتخرج من المدرسة ولديهم مهارات القراءة والكتابة والحساب بما ال يقل عن معدل أعلى بنسبة 30 %من السكان؛ وفي حالة عدم استيفاء معايري المطلوبة لمحو الأمية والحساب، قد يقبلون في التعليم الأولي للمعلمين، ولكن، سيُطلب منهم إكمال دراستهم أثناء تدريبهم وعمل تقييم جديد لمحو الأمية والحساب قبل ممارسة مهنة التدريس في العام الأخير إثبات أنهم يستوفون مستويات المهارات المطلوبة
”ستستقطب مهنة التدريس المزيد من أفضل الطلاب الذين تخرجوا َّ من المدرسة، والأشخاص الراغبين في تغيير مهنتهم“. وستوجه الحوافز والمنح الدراسية لجذب المزيد من ”أفضل وألمع“ هؤلاء الطلاب للالتحاق بمهنة التدريس، ولا سيما في المواد التي فيها نقص ّ في المعلمين خاصة في المجتمعات الريفية والنائية. وستشجع المدارس الثانوية على تحديد الطلاب ذوي الأداء العالي مع الكفاءة للتدريس في وقت مبكر من الصف العاشر وتشجيعهم على الانخراط في مهنة التدريس، على سبيل المثال، من خالل توفري مواضع خربة يف العمل ً بناء عىل وظائف التدريس المطلوبة.
لا بد من تحديد مضامين برامج تدريب المعلمين والمناهج الدراسية لهذه البرامج بطريقة تلائم السياق المحلي وتتماشى مع سياسات التعليم الوطنية وقضايا الفصل الدراسي المحددة، مثل السياسات المعنية باللغة. ومع ذلك، تظهر مجموعة من الأدلة المتقاربة أن أكثر الأساليب فعالية لتعليم المعلمين هي التي تجمع بين النظرية والتطبيق، حيث يشارك المتدربون بنشاط ملحوظ. وتتضمن دورات تدريب المعلمين الأكثر فعالية التعلم التجريبي النشط والقائم على الممارسة مع التركيز على المخرجات عوضاً عن المدخلات. وترى هذه الدورات المعلمين المتدربين باعتبارهم «ممارسين مفكرين» يتعلمون من خلال الفعل والتفكر في ممارستهم.
ويعني ذلك أن يتضمن تدريب المعلمين قدراً كبيراً من ممارسة التدريس في الفصول الدراسية تحت إشراف معلمين مختارين مؤهلين وذوي خبرة، حيث يمكن للمدرسين المتدربين تطوير كفاءتهم المدرسية والصفية. ويُعِدُّ التدريب العملي في المدرسة المعلمين المتدربين لواقع العمل في المدارس. فالمعلمون المتدربون المدركون لواقع التدريس - الذي يشمل العمل في المدارس النائية مع القليل من موارد التدريس والتعلم، حيث يحتاج المعلمون إلى الإبداع والتحفيز لتحقيق أداء جيد وفعال - من المرجح أن يكونوا كذلك بمجرد أن يبدأوا التدريس. وتدرب كليات تدريب المعلمين مثل تلك التي تديرها المنظمات التابعة لمنظمة «هيومانا» المعلمين المتدربين بوضوح على هذا الواقع؛ ويشمل التدريب التحضير للتدريس والعيش في المجتمعات النائية، ويشمل ذلك إنتاج وسائل التدريس والتعلم من الموارد المتاحة محلياً (Humana People to People, 2013).
يعد وجود المعلمين الفعالين والمتحمسين والملهمين أمراً ضرورياً لضمان تدريب المعلمين المتدربين تدريباً جيداً، مع أن القليل من أطر السياسات تشدد على هذا الجانب بصورة كافية (Moon, 2013: 23; Naylor and Sayed, 2014: 11)Footnote 11. واعتماداً على احتياجات السياق، قد تتضمن السياسة المعنية بالمعلم توصيات أو متطلبات للمواصفات الشخصية والمؤهلات والتطوير المهني لمعلمي المعلمين. ويجب على معلمي المعلمين فهم أساليب التعلم النشط واستخدامها، ودعم التدريب على نحو فعال. ويجب أن يتحلوا بفهم علم أصول التدريس والقدرة على ممارسة مجموعة متنوعة من أساليب التدريس وتقنياته؛ وأن يكونوا على دراية وخبرة في القضايا العملية المتعلقة بالعمل اليومي في الفصل الدراسي والمدرسة؛ وسبق لهم المشاركة، أو على الأقل الاطلاع على البحوث المتعلقة بمجال خبرتهم. ويجب أن تكون لديهم القدرة أيضاً على إعطاء نموذج جيد لسلوك التدريس في الفصول الدراسية، وذلك لمنح المعلمين المتدربين تجربة تعلم حقيقية، مع تقديم حقائق واقعية عن التدريس والتعلم قد لا تقدّر أو لا تفهم بالكامل (على سبيل المثال، تنوع المتعلمين) إذا تمت مناقشتها أو نقلها أو تنقل بطرق أخرى (European Commission, 2013: 9; see also UNESCO, 2014a). فضلاً عن المعارف المعمقة بنظام التعليم الوطني وسياقه؛ والمهارات الجيدة في العمل الجماعي والعمل التعاوني؛ وذلك لإيجاد موقف إيجابي تجاه التدريس لدى طلابهم (ILO, 2012: 242-43).
وتتطلب ممارسة مهنة معلمي المعلمين الوصول لمصادر التعلم والالتزام بالتعلم مدى الحياة. فضلاً عن مواكبة التطورات في التعليم والتدريس ومهنتهم الخاصة، وأن يكونوا متعلمين مدى الحياة لتعزيز التعلم مدى الحياة لدى المعلمين الذين يدربونهم. وكما هو الحال فيما يخص المعلمين، ستشملهم عمليات الاختيار والتدريب الأولي والالتحاق ببرامج التطوير المهني المستمر طوال مسيرتهم المهنية (European Commission, 2013: 21).
قد تتضمن معايير الاختيار المؤهلات الأكاديمية؛ ويمكن تحديد حد أدنى من مستويات التأهيل (مثل درجة الماجستير) وخبرة التدريس في المستوى الابتدائي أو الثانوي، أو اعتماد معيار للكفاءة (انظر القسم 3.7). ومع أن اختيار معلمي المعلمين غالباً ما يبنى على أساس معرفتهم بالمادة أو خبرتهم البحثية، بدلاً من كفاءتهم في تعليم المعلمين، فإن معايير مؤهلات القبول والخبرة السابقة يمكن أن تكون أدوات مفيدة لتوفير الحد الأدنى من المستوى المطلوب في البداية (European Commission, 2013: 21-22).
نظراً لأن العديد من معلمي المعلمين لا يستفيدون من تدريب محدد، فإن المرحلة التمهيدية تسهل الانتقال من كونك معلماً إلى معلم المعلم، فهذا يعزز من فهم الدور، وتنمية الثقة المهنية والوصول إلى قاعدة المعارف واللغة المعنية بتعليم المعلمين (European Commission, 2013: 22).
يجب أن يكون لدى معلمي المعلمين إمكانية الوصول والمسؤولية عن تنفيذ التطوير المهني المستمر المرتبط بالمعايير المتفق عليها (UNESCO, 2014a: 246–247). وخضوعهم لعمليات تقييم منتظمة مرتبطة بهذه المعايير وخطط التطوير المهني المستمر الخاصة بهم. وقد تتضمن السياسة متطلبات رسمية للتطوير المهني المستمر، أو إنشاء حوافز وآليات وظروف مواتية لتحفيز التعلم المهني، ويشمل ذلك التطوير المهني المستمر الذاتي التوجيه.
وتساعد المجتمعات والجمعيات المهنية لمعلمي المعلمين في بلورة الهوية المهنية وتعزيزها، ويجب أن يجري ذلك في إطار المجتمع المهني ولا يمكن تحقيقه من خلال تنفيذ التدابير الخاصة بالسياسات فحسب (European Commission, 2013: 31). وقد تكون المجتمعات المهنية منظمات مهنية رسمية، قادرة على تمثيل أعضائها في حوار مع الجهات المعنية الخارجية مثل النقابات أو الجمعيات العامة للأفراد أو الجمعيات المهنية ذات الوظيفة التنظيمية، أو المجتمعات والشبكات غير الرسمية.
ولا يقتصر الدور الحيوي لمعلمي المعلمين على تعزيز جودة التدريس والتعلم والحفاظ عليها، فهم في وضع مثالي للمساهمة في صياغة السياسة المعنية بالتعليم والمعنية بالمعلم على حد سواء. ومع ذلك، غالباً يُتجاهل معلمو المعلمين وممثلوهم عند وضع السياسة، مما يعني أن السياسة لا تراعي ولا تستفيد من معارفهم وخبراتهم (European Commission, 2013: 29). وينبغي أن يكون معلمو المعلمين وممثلوهم فاعلين رئيسيين في إعداد السياسة المعنية بالمعلم وتنفيذها بوجه عام، والسياسات المتعلقة بمهنتهم بوجه خاص (Darling-Hammond, 2006: 3, 13).
يؤدي الانتهاء بنجاح من التدريب الأولي للمعلمين، الذي يشمل التدريب العملي، إلى التأهيل أو الحصول على وضع المعلم المؤهل. ومن الناحية العملية، فهذه ليست سوى البداية لمهنة التدريس، التي تنطوي على التطوير المهني المستمر. وقبل الحصول على الاعتماد أو رخصة ممارسة مهنة التدريس، قد يُطلب من المعلمين المؤهلين حديثاً إكمال فترة التجربة بنجاح. ويوفر ذلك فرصة لتشجيع التحاق الوافدين الجدد بعالم التدريس والتعلم، ووضع المعايير المهنية المناسبة والحفاظ عليها، وتطوير الكفاءة المهنية العملية للمعلمين. وبينما لا تتطلب جميع البلدان الخضوع لفترة تجربة (اختبار)، بات يتنامى اعتبارها خطوة أساسية قبل تأكيد الالتحاق بمهنة التدريس، ويجب اعتبارها جزءاً حيوياً من السياسة المعنية بالمعلم، مع تحديد المدة المعتادة للمراقبة - التي تتراوح عادةً من عدة أشهر إلى ثلاث سنوات (OECD, 2005) - ويجب أن ترتبط شروط الإنجاز ارتباطاً وثيقاً بالكفاءة المهنية. وفي حال فشل المعلم المرشح في إكمال فترة التجربة بصورة مُرضية، يجب تقديم المزيد من الدعم المهني لإعطائه فرصة ثانية، ولكن في نهاية المطاف يشير الفشل في إكمال فترة التجربة بنجاح إلى عدم ملاءمة المرشح لمهنة التدريس. ومع ذلك، يجب أن تضمن الإجراءات المتبعة الحق القانوني لأولئك الراغبين في تقديم استئناف على التقييم السلبي (ILO/UNESCO, 1966: Art. 39).
وعندما تسبق فترة التجربة حصول المعلم على الاعتماد، يمكن ربط فترة التجربة بالتدريب المهني المستمر أو برنامج تمهيدي رسمي، يقيّم من خلال اختبار رسمي أو يقيّمه المعلم نفسه، مما يدل على أن المعلم قد استوفى معايير الاعتماد. ففي اسكتلندا، على سبيل المثال، تستمر العملية التمهيدية لمدة عام واحد وتنتهي بتقييم رسمي «للمواصفات النهائية» يقدمه المعلم لإثبات استيفاء 23 من المعايير المهنية (European Commission, 2010: 33)؛ انظر أيضاً القسم 3.6.8). وعند استخدام فترة التجربة، يجب أن تكون المتطلبات والمعايير التي تحكمها واقعية ومناسبة للسياق، حتى لا تزيد الحمل على نحو غير متناسب مع العبء الواقع على المعلمين المؤهلين حديثاً والمشرفين عليهم.
ومن الناحية المثالية، سواء استُخدمت فترة التجربة أو لم تُستخدم، على المعلمين المؤهلين حديثاً الخضوع لبرامج تمهيدية معرفية، لتمكينهم من تعزيز المعارف والمهارات التي اكتُسبت في أثناء التدريب الأولي، وذلك بدعم من مرشدين من المعلمين ذوي الخبرة، إلى جانب الأنواع الأخرى من الدعم المهني وبرامج التوجيه التي تعزز الرضا الوظيفي وفعالية المعلمين المتدربين (كما يقاس بمكاسب التعلم) وتحسن معدلات الاستبقاء (ILO, 2012: 22; OECD, 2014a: 88). وفي ظل قلة أو عدم وجود برامج توجيه أو دعم مهني آخر، ولا سيما في السياقات المعزولة مثل المناطق النائية أو المناطق اللغوية، يقل دافع المعلم وحافزه وفعاليته وتزداد معدلات التناقص بين المعلمين (Bennell, 2004; Bennell and Akyeampong, 2007; VSO, 2008).
ومن المهم اعتبار البرنامج التمهيدي مرحلة واحدة في التعلم مدى الحياة، تستند إلى التعليم الأولي وتفيد التطوير المهني المستمر؛ مع وجود علاقات فعالة بين مقدمي ومنسقي هذه الجوانب المختلفة (European Commission, 2010: 23).
وقد تحدد المدرسة البرنامج التمهيدي (المدرسة مسؤولة عن دعم المعلم الجديد)؛ أو المجتمع المحلي (توفر نقابات المعلمين برامج الدعم)؛ أو البلدية، أو مجموعات المدارس؛ أو يتم تحديده على أساس نهج تعاوني بين المدارس ومؤسسات تعليم المعلمين (التدريب الموجه أو التوجيه الجماعي / الفردي الذي تنظمه مؤسسة تدريب المعلمين؛ فهذا النهج هو الأكثر شيوعاً في البرامج التمهيدية الرسمية خلال فترة التجربة). وبما يتعلق بمجموعات المدارس - التي تربط بين عدد من المدارس لتعزيز التطوير المهني للمعلمين داخل المجموعة - فهي نوع شائع من التطوير المهني في العالم النامي، وعادةً ما تقودها مدرسة منسقة (يمكن تعيينها على أساس التناوب) بما يعزز التطوير المهني حيث تشترك مجموعات المعلمين في الخبرات والمشكلات، وتقدم الدعم المهني بعضها إلى البعض الآخر. وتتمثل المسألتان الرئيسيتان المهمتان فيما يتعلق بمجموعات المعلمين في تولي زمام الأمور والتحكم في سير عمل المجموعة.
وعلى البرامج التمهيدية أن توفر للمعلمين الجدد الدعم الشخصي والاجتماعي والمهني؛ وقد تشمل التوجيه، ومدخلات يقدمها المعلمون الخبراء أو معلمو المعلمين، ودعم الأقران والتأمل الذاتي (European Commission, 2010: 16–21; ILO, 2012: 245–246). فقد وجدت الأبحاث أن البرامج التمهيدية الالتحاق الشاملة والتعاونية - التي تركز على التعلم المهني - هي الأنجح:
ويؤدي الموجهون دوراً رئيسياً في البرامج التمهيدية وأهميتهم في ازدياد مستمر. وفي سنغافورة، على سبيل المثال، تمد برامج التوجيه المنظمة فترة برنامج الالتحاق والسنوات الأولى التكوينية للمعلمين الجدد لمدة تصل إلى عامين (OECD, 2014a: 90, 93). وعندما يعمل المعلمون ذوو الخبرة موجهين للزملاء المؤهلين حديثاً، يجب أن تكون معايير اختيارهم واضحة وتستند إلى أطر الكفاءة؛ وأن يكون هنالك دعم كافٍ للموجهين وتدريبهم، وتقييم أدائهم على نحو منتظم، ومنحهم عبء تدريس أقل و / أو حوافز، مثل صرف بدل المسؤوليات المضافة (بدل المهمات) (UNESCO, 2014a: 244). وعندما ينظر لمعايير الكفاءة بعين الاحترام، سيضمن استخدام المعلمين المتقاعدين لتوجيه المعلمين المؤهلين حديثاً عدم خسارة خبرتهم وخبراتهم القيمة في نظام التعليم بمجرد تقاعدهم عن مهنة التدريس.
ويعد غياب البرامج التمهيدية في العديد من البلدان، وخاصة في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أحد أسباب ارتفاع معدلات التناقص. ومن المرجح أن يقلل وجود مرشد وموجه من نفس المجال ، في أثناء التخطيط المشترك أو التعاون مع معلمين آخرين، من معدل التناقص للمعلمين حيث «يكون المعلمون المشاركون في مجموعات أو مجموعات التدريب الموجه والعمل الجماعي أقل عرضة للهجرة إلى مدارس أخرى أو مغادرة مهنة التدريس في نهاية عامهم الأول» (Smith and Ingersoll, 2004: 706).
وقد ينظر واضعو السياسات في عدد من الأسئلة الرئيسية عند تصميم البرنامج التمهيدي وتوجيه مصمم خصيصاً للسياق المحلي:
يحتوي الإطار 3.4 على قائمة مراجعة لواضعي السياسة.
الأهداف والغايات:
التصميم
التنفيذ
هل لديك نظام فعال للرصد والاستعراض وضمان جودة إجراءات السياسة بمجرد تنفيذها؟
ينبغي لجميع مستويات التعليم الأولي للمعلمين أن تتسم بمبادئ الإدماج والمساواة، بدءاً من توظيف المعلمين المتدربين وصولاً إلى توظيف معلمي المعلمين، ومحتوى التدريب ومنهجه. وينبغي للمناهج الدراسية للتدريب الأولي للمعلمين أن تركز بصورة واضحة على التدريب المستند إلى الإدماج والإنصاف، لكي يتعلم المتدربون التدريس بأساليب شاملة لكل المتعلمين، بغض النظر عن الجنس والعرق واللغة أو مجموعات الأقليات وذوي الإعاقة. وينبغي للمعلمين أن يكونوا على دراية بآليات الاستبعاد والتحيز والتمييز، وينبغي تمكينهم من تكييف أساليبهم ووسائل التدريس لتناسب احتياجات التعلم لمجموعات مختلفة من المتعلمين، ومنهم ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة. وينبغي للتدريب أن يشمل تعليم أسس المواطنة والمساواة، لضمان المشاركة الفعالة. فمن شأن التركيز على المساواة في التدريب أن يضمن وجود عدد كافٍ من المعلمين المدربين للتدريس باللغة المحلية (UNESCO, 2010d: 186– 87; UNESCO, 2014a: 218, 239, 247).
وينبغي للتدريب المستند إلى الإدماج والمساواة في التعليم الأولي للمعلمين أن يعبّر عن السياسة الوطنية للتعليم الشامل. وفي حال عدم وجود مثل هذه السياسة، على الحكومات التفكير في إعداد واحدة، مع ضمان اتساقها مع السياسة المعنية بالمعلم.
كما ذكر سابقاً، يجب أن يكون تعليم المعلمين مستمراَ طوال حياتهم المهنية. ويضمن الانتفاع بالتعليم الجيد وبالتطوير المهني المستمر فعالية المعلمين، واطلاعهم على أحدث الأساليب والمعرفة بالمادة والمهارات الصفية وتغيرات السياسة؛ فقد أظهرت البيّنات فوائد واضحة للغاية للتطوير والتعلم المستمر (ILO, 2012: 75; OECD, 2014a: 97, 107). وعلى التطوير المهني المستمر أن يتوافق مع الجوانب الأخرى للسياسة المتكاملة والشاملة المعنية بالمعلم. وقد تشمل الهيكليات أو المسارات الوظيفية للمعلم، بناءً على المعايير المتفق عليها، والتي تحدد الكفاءات والسلوك الأساسية التي يجب أن يمتلكها المعلم في مراحل مختلفة من التطوير المهني (انظر القسم 3.4 أدناه)، أو إكمال التطوير المهني المستمر – بنجاح - معياراً للتقدم الوظيفي ورفع الأجور (انظر القسم 3.6 أدناه).
ويجب أن يكون التطوير المهني المستمر للمعلم مدمجاً على نحو جيد مع استمرار التعليم الأولي للمعلم. وأن يكون في المدرسة (إلى الحد الذي تسمح به الموارد ببرنامج تطوير مهني مستمر وفعال في المدارس)، وأن يركز على الممارسة، ويكون متكاملاًً مع عمل المعلمين اليومي في الفصل الدراسي ومرتبطاً بعمليات الإصلاح المنهجية التي ترمي إلى تحسين جودة التعليم. ومع أن التطوير المهني المستمر يمكنه تحسين تحصيل الطلاب، كثيراً، فإنه يتعين على نظم المدارس التفكير بطريقة استراتيجية في مضامينه وطريقة تنفيذه وتكييف التدريب مع الاحتياجات المحددة للمعلمين المختلفين. إن التدريب الشخصي في الموقع هو وسيلة فعالة لتقديم المشورة بشأن الممارسات في الفصول الدراسية، وينبغي أن يكون التدريب هو جوهر أي برنامج جيد للتطوير المهني. وينبغي أيضاً أن يُصّمم وفقاً لاحتياجات المعلمين وتوفيره في المدارس، وأن يركز على مناهج التدريس (خاصة المناهج التي ترتكز على المتعلم) والمهارات التي يمكن للمعلمين استخدامها في الفصل الدراسي (Schwille et al., 2007; Sayed, 2009; UNESCO, 2014a: 245). وعلى التطوير المهني المستمر الفعال أن يكون طويلاً بما فيه الكفاية ومستمراً للتأثير في ممارسات المعلم - لا يعد التدريب المتتالي القصير الأمد صيغة فعالة للتطوير المهني المستمر، خاصة إذا كان الهدف هو تغيير ممارسات المعلمين التربوية.
وعلى أرباب العمل توفير بيئة داعمة للتطوير المهني المستمر، ويشمل ذلك ضمان منح المعلمين الوقت والفرص اللازمة للتطوير المهني في أثناء عملهم في المدرسة (OECD, 2014a: 107–في 108). ومن المهم أن يشمل التطوير المهني المستمر في المدرسة مدخلات من خارج البيئة والخبرة المباشرة للمعلم.و قد يأخذ هذا صيغة دورات تدريبية يوفرها معلمون خبراء على مستوى المدرسة أو المجموعة، أو دورات التعليم عن بعد باستخدام الأوراق أو المواد الإلكترونية، أو الدورات القصيرة التي تستضيفها كليات تدريب المعلمين (ILO, 2012: 77–79). ويمثل التوجيه الذي يضطلع به معلمون خبراء، بالإضافة إلى توجيه الأقران، وملاحظة الأقران واجتماعات فرق المعلمين لإعداد الدروس والدعم، جوانب قيّمة من التطوير المهني المستمر في المدرسة (انظر أيضاً الفصل 3.2.5).
ونظراً إلى الوضع المهني للمعلمين، يعد الالتزام بالانخراط في التطوير المهني المستمر لتطوير كفاءاتهم المهنية ومواكبة التطورات في مجالهم حقاً أصيلا ً لهم. وهذا مهم بوجه خاص في مهنة التدريس، حيث تتطور وجهات النظر بشأن الممارسات الجيدة بانتظام كلما توفرت أدلة جديدة. ويعد مبدأ استقلال المعلمين بتطويرهم المهني الخاص مهماً إذا أراد المعلمون أن يكونوا مهنيين محترفين، مع درجة عالية من الاستقلال في ممارساتهم داخل الفصول الدراسية.
ويجب أن يكون التطوير المهني المستمر متاحاً لجميع المعلمين، بغض النظر عن مستوى مؤهلاتهم وموقعهم الجغرافي، حتى يتمكنوا من التدريس بصفتهم “ممارسين مفكرين”. وعلى وجه الخصوص، تحتاج السياسة المعنية بالمعلم إلى تحديد طرق مبتكرة للسماح للمدرسين المنتشرين في المناطق الريفية والنائية بالوصول إلى فرص التطوير المهني المنتظمة. وقد يكون تقديم خيارات تطوير مهني مستمر وجذاب جزءاً من حزمة مصممة لتحفيز المعلمين على قبول التعيين بمناطق بعيدة أو نائية (النشر البعيد) لفترة زمنية محددة. ومن المحتمل أن يكون إنتاج وسائل التدريس والتعلم باستخدام المواد المتاحة محلياً أحد جوانب التطوير المهني المستمر للمعلمين في المناطق النائية. ولفرص التطوير المهني المستمر التي توفرها التقنيات الجديدة والتعلم المدمج أهمية واضحة خاصة للمعلمين في المناطق النائية، كما هو موضح أدناه.
وتعد مهنة التدريس نشاطاً ديناميكياً ومتغيراً باستمرار وتتطور بتطور الاحتياجات الاجتماعية والبيئات الثقافية والاقتصادية والتكنولوجية، المحلية والعالمية. ويتطور المعلمون أيضاً طوال حياتهم المهنية: ستكون ثقتهم بأنفسهم وأسلوبهم في التدريس وإتقان كل من المادة وأساليب التدريس مختلفة تماماً في أوقات مختلفة على مدار حياتهم المهنية. هذا هو السبب في أن خطط التطوير المهني المستمرة، المدمجة مع عمليات التقييم والدعم المهني، من الممكن أن تساعد المعلمين في تخطيط تطورهم المهني، بناءً على مواطن القوة والضعف والاحتياجات الحالية، وكذلك على احتياجات مدرستهم ونظام التعليم الأوسع. في الواقع، على التطوير المهني المستمر أن يكون مرتبطاً على نحو منهجي بعمليات التقييم والتعليقات، وبناءً على المعايير المعمول بها (OECD, 2013c). انظر أيضاً الإطار (3.6) أدناه.
ويجب تضمين التطوير المهني المستمر في ميزانيات التعليم على المستوى الوطني أو الإقليمي أو المحلي أو المدرسي، اعتماداً على طبيعة نظام التعليم. وأن تتضمن السياسة المعنية بالمعلم تمويلاً مخصصاً له لتجنب استخدام أموال التعليم لأغراض أخرى، مثل سد النقص في الرواتب. وقد يمثل تخصيص بند سنوي لكل معلم يشمل تكلفة تزويد المعلمين بالوسائل التعليمية عند الضرورة، استراتيجية تمويل للتطوير المهني المستمر. ويقدم الإطار (3.5) مثالاً على الصعيد القُطري على ذلك.
في عام 2010 ،وبعد مراجعة البيّانات المتاحة، لاحظت لجنة المدارس والاسر التابعة لمجلس العموم البريطاني أن تأثير التطوير المهني ً ما يصل إلى ما يعادل ستة أشهر إضافية في فعالية المعلم "غالبا ً". وخلص التقرير إلى أن "تحديد من مستوى تقدم التلاميذ سنويا حد أدنى من الإنفاق على التطوير المهني )بالنسبة المئوية من الميزانية الكلية للمدرسة( من شأنه أن يدعم الجهود الأوسع لدمج ثقافة التطوير المهني داخل القوى العاملة بالمدارس"، وأوصى بأن ُ ّخصص الأموال لهذه الميزانية في أقرب فرصة".
وعلى أنظمة التعليم وخطط التطوير المدرسي الحالية دمج خطط التطوير المهني الفردية ضمنها. وفي هذه الحالة، يمكن أن تمثل مراجعة الخطط الفردية للمعلمين أحد عناصر التفتيش المدرسي. وأن يساعد تقديم الدعم للمعلمين لتطوير خطط التطوير المهني الفردية الخاصة بهم في تعزيز مبدأ الاستقلال، ومسؤوليتهم عن خطة التطوير المهني (أن يضع المعلم خطة التطوير المهني الخاصة به بنفسه). لتصبح الخطة بعد ذلك أساساً لاتفاق بين المعلم ورب العمل، ومحددة الشروط والمسؤوليات على كلا الجانبين: كم من الوقت سيوفر للمعلم من أجل التطوير المهني المستمر، داخل المدرسة وخارجها؟ وكيف ستمول دورات محددة أو فرص تطوير مهنية أخرى؟ وما الذي سيسهم به رب العمل في خطة التطوير المهني المستمر للمعلم؟ وبماذا سيسهم المعلم نفسه؟
ويستعرض الإطار (3.6) مثالا ً على التطوير المهني المستمر في اليابان.
تعد "الخطة الدراسية" مشتقة من المصطلح الياباني، ً jugyokenkyu، مثالا على التطوير المهني المستمر القائم على الفريق بقيادة المعلم، والمعمول به في اليابان منذ مئتي عام. وكانت الطريقة ناجحة للغاية في اليابان وكيّفتها ونفذتها بلدان أخرى.إذ يجتمع المعلمون للتخطيط ولمناقشة ممارسات التدريس الخاصة بهم وتحسينها. وقد يشمل ذلك تخطيطهم للدرس علي ً نحو جماعي. ثم يتابعون عضوا في المجموعة يقدم الدرس للطالب. وبعد انتهاء الدرس، يناقش المعلمون كيف سار الدرس، وكيف ً كان رد فعل الطالب وما الذي يمكن تحسينه. ويمكن بعد ذلك تقديم الدرس مرة أخرى إلى مجموعة مختلفة من الطلاب، متضمنا التحسينات.
وتتضمن الخطة الدراسية جميع الخصائص الرئيسية لنشاط التطوير المهني المستمر والناجح: فهو قائم عىل الفصل الدرايس وعادة ما يرتبط بالجهود عىل مستوى املدرسة، حيث يُ َّشجع جميع المعلمين في المدرسة على المشاركة. وهو نشاط تشاركي يديره المعلم ويركز في المناقشات على كيفية تحسين التدريس. ويتمحور حول ما يتعلمه الطالب وكيف يتعلمونه، وهي عملية مستمرة تتضمن إبداء الملاحظات وجمعها.
تعد الإمكانات التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ضرورية لتعليم المعلمين لسببين: من ناحية، تسمح هذه التقنيات بتدريب المعلمين والتطوير المهني المستمر - سواء على أساس الحضور أو من خلال التدريب عن بعد، وذلك أيضاً من خلال الدورات المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت (Fyle, 2013)، أو - أن ينسق ويقدّم جزئياً أو كلياً باستخدام الأدوات والوسائط الإلكترونية. ومن ناحية أخرى، يحتاج المعلمون في القرن الحادي والعشرين - الذي يستخدم فيه المتعلمون تقنيات شبكة الإنترنت يومياً أو بصورة منتظمة على الأقل - إلى إدراك إمكانات التدريس القائم على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الفصول الدراسية، وإلى الدراية باستخدام مختلف الأدوات التعليمية. وتبين البيّنات من البلدان المتوسطة الدخل والمرتفعة الدخل أن المعلمين يقيمون هذا التدريب بدرجة عالية (OECD, 2014a: 107). ولا تعني ضرورة تمكين المعلمين من دعم المتعلمين في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن بمقدور التكنولوجيا الحديثة وأدواتها أن تحل محل المعلمين أو التعلم التقليدي. بل على العكس من ذلك، يتطلب استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الفصل الدراسي تدريب المعلمين تدريباً كاملاً على استخدامها واكتساب المهارات لتطوير تطبيقاتها لتستجيب لاحتياجات محددة وتولي زمام أمورها (IICD, 2007).
وينبغي تدريس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بوصفها مادة دراسية وإدراجها ضمن المواد المدرسية في التدريب الأولي للمعلمين والتدريب في أثناء الخدمة (Latchem, 2010). ويوجد العديد من أطر عمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الكفؤة المعنية بالمعلمين، ومنها إطار عمل اليونسكو لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات المعني بكفاءة المعلمين (UNESCO, 2011). ويكشف استعراض السياسات الوطنية المعنية بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم الأولي للمعلمين في 31 دولة من دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بأن العديد من البلدان تركز بصورة أكبر على استخدامها في التعليم المستمر، بدلا ً من التعليم الأولي. وتدعو عملية الاستعراض إلى زيادة تكامل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع التعليم الأولي للمعلمين، إلى جانب وضع تعريف أوضح للكفاءات الرقمية المطلوبة للمعلمين. وهنالك حاجة إلى المزيد من تطوير السياسات والاستراتيجيات الوطنية المعنية بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تعليم المعلمين، لتجنب الإفراط في إلزامهم بالمسؤوليات وضمان مصداقية الجهات المعنية التي ستنفذها. وتبرز الحاجة إلى الاتساق بين سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المختلفة في مجالات مثل تطوير المناهج الدراسية وأطر كفاءة المعلمين وأطر التقييم وممارساته (Rizza, 2011: 40). ويقدم مكتب اليونسكو في بانكوك بعض دراسات الحالة عن دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في برامج التعليم الأولي للمعلمين في أستراليا والصين وجمهورية كوريا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام (UNESCO, 2013)Footnote 12 وتشمل المنظمات ذات الخبرة الواسعة والمحققة على إعداد المعلمين لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الفصول الدراسية اليونسكو، ورابطة التعلم (انظر للاطلاع على استعراض مستفيض بشأن الخبرات والمسائل المتعلقة بالتعلم المفتوح والتعلم عن بعد وإعداد المعلمين على الصعيد القُطري)(Danaher and Umar, 2010)، والمركز الإعلامي لرابطة التعلم في آسيا، ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وفضلاً عن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التدريب الأولي للمعلمين، توفر هذه الوسائل العديد من الإمكانيات القيمة للتطوير المهني المستمر عن بعد. حيث يمكن للمعلمين الممارسين تطوير مهاراتهم المهنية ومعارفهم من خلال الدورات الإلكترونية الحصرية، أو الوصول إليها عبر الاتصال - أو من غير الحاجة للاتصال بشبكة الإنترنت-، أو دورات تعليمية مختلطة تجمع بين التدريب القائم على الحضور والدراسة المستقلة باستخدام المواد الرقمية. وفضلاً عن أن شبكة الإنترنت تسهل توزيع مواد تعليم المعلمين، تدعم شبكة الإنترنت التطوير المهني المستمر الذي يمكن الانتفاع به ذاتياً من خلال السماح للمعلمين باختيار المواد وفقاً لاحتياجاتهم وأهدافهم وتفضيلاتهم، وتلبية احتياجات أساليب التعلم المختلفة. ومع ذلك، يحتاج المعلمون إلى تعلم كيفية تقييم المواد والأدوات المتاحة بصورة نقدية واتخاذ خيارات حكيمة، تتطلب عادةً مستوى معيناً من الدعم. ويتيح أيضاً الإنترنت للمعلمين التفاعل والتواصل مع معلمين آخرين والتعلم بعضهم من البعض داخل جماعة ممارسين واسعة النطاق. وفي العديد من السياقات، تعني التطورات التكنولوجية تطور التعلم الإلكتروني ليصبح الآن “التعلم عبر الهاتف” (مدعوماً بالأجهزة المحمولة والبث اللاسلكي)، مما يوفر إمكانية أكبر في الوصول للمعلمين في المناطق التي لا تتوفر فيها حالياً إمكانية الوصول إلى الإنترنت السلكي ولكن يتوافر فيها الاتصال عبر شبكات الهاتف المحمول (Mayes and Burgess, 2010).
دفع الوعي بالطبيعة غير المستدامة للعديد من جوانب أنماط الحياة والممارسات الحديثة إلى وضع التعليم من أجل التنمية المستدامة، وهو نهج تعليمي مبني على مبدأ أن التعليم هو العامل الرئيسي لتعزيز القيم والسلوك وأنماط الحياة اللازمة لمستقبل مستدام. وأنتج برنامج اليونسكو التعليم من أجل مستقبل مستدام برنامجاً لتعليم المعلمين بعنوان «التدريس والتعلم من أجل مستقبل مستدام»، يرمي إلى وضع قضايا البيئة والاستدامة في صميم عملية التدريس والتعلم ومساعدة المتعلمين في فهم أفضل للعالم الذي يعيشون فيه، ومعالجة تعقيد وترابط مشاكل مثل الفقر والاستهلاك المهدر والتدهور البيئي والسكان والصحة والنزاع وحقوق الإنسان التي تهدد مستقبلنا، (UNESCO,2010b:www.unesco.org/ education/ tlsf/ mods/ theme_gs/ mod0a.htm). ولذلك يتوجب أن تتضمن السياسة المعنية بالمعلم مبادئ التعليم من أجل التنمية المستدامة في تدريب المعلمين وضمان أن الجوانب الأخرى من السياسة، مثل إدارة المدرسة، تتسق مع مبادئ التنمية المستدامة (UNESCO, 2010b).
تعزز المدارس الخضراء في آسيا التعليم ليكون أداة لمنح المعلمين والطلاب الشعور بالتمكين لمواجهة التحديات البيئية، وذلك لتعزيز المشاركة في القضايا البيئية في مجتمعاتهم والعالم.
وفي عام 2012، دُرِّبَ معلمو مادة العلوم من المدارس المستهدفة في بانجارماسين على تنفيذ "مشاريع العمل" مع تلاميذهم. وتضمن تدريبهم القضايا البيئية على المستويات المحلية والوطنية والعالمية، والمناهج التربوية للتثقيف في مجالات تغير المناخ، وتخطيط المشاريع، ووضع الميزانيات، والتنفيذ، والرصد والتقييم. ثم بدأ المعلمون وتلاميذهم في تنفيذ مشاريعهم في واحد من خمسة مجالات: النفايات والمياه والغابات والطاقة والتنوع البيولوجي. وشملت المشاريع في المدارس أنشطة نظافة البيئة، وإعادة زراعة الأشجار الحرجية، وتنظيف البرك والأحواض، ومسابقات إعادة التصنيع، والاقتصاد في الطاقة.
غالباً ما يكون للمدارس الناجحة قادة فعالون؛ وبالمثل، المدارس التي لا تعمل على نحو جيد، قد يكون لديها قادة يكافحون. ولقادة المدارس دور حيوي في ضمان الإدارة الفعالة للمدرسة بالتعاون مع فريق الإدارة، الذي قد يشمل نواب المديرين والوكلاء و / أو ممثلي سائر الجهات المعنية، فإنهم مسؤولون في نهاية المطاف عن التعليم المقدم داخل المدرسة، وإدارة هيئة التدريس وسائر العاملين ودعمهم، وتعزيز المواد والبيئة الأخلاقية للمدرسة. ويتطلب هذا الدور توظيفاً مخططاً له بعناية (انظر القسم 3.1.6)، ودعماً وتدريباً مناسبين، خاصةً لقادة المدارس الأقل خبرة، الذين يعملون في المناطق الريفية والنائية. وأن يعتمد تدريب قادة المدارس على السياق المحلي والاحتياجات المحددة. ومن المحتمل أن تقوم الإدارة والقيادة التعليمية التي تركز على إدارة المعلمين، ويشمل ذلك رصد أداء المعلمين واحترام الوقت والاحترافية والأداء الجيد، بتزويد المعلمين بالدعم التربوي والتوجيه والإرشاد؛ والتفاعل مع المتعلمين وأولياء أمورهم وتوجيههم؛ والتعامل مع قضايا الإدارة المالية وإدارة المدرسة (ILO, 2012: 255–257; OECD, 2014a: 80–81; UNESCO, 2014a:303). وعليه يجب أن يستند التدريب الأولي والتطوير المهني المستمر لقادة المدارس على المعايير المحددة في إطار الكفاءة المناسبة، وربطهم بنظام التقييم (OECD, 2009). ومن الأمثلة على ذلك، مدارس القيادة المتخصصة التي أُنشئت في دول مثل أستراليا والمملكة المتحدة لوضع المعايير وتعزيزها وتوفير التدريب على القيادة (المعهد الأسترالي للتعليم القيادة المدرسية (AITSL, 2014)؛ و(الكلية الوطنية البريطانية للتعليم والقيادة (UK National College for Teaching and Leadership, 2014).
يحتاج المعلمون الذين يعملون في سياقات ما بعد الكوارث إلى تدريب مناسب، بناءً على احتياجات السياق المحدد الذي يعملون فيه، يراعي احتياجات المعلمين والمتعلمين. وينبغي لسلطات التعليم، إن أمكن، تنسيق أنشطة تعليم المعلمين وتصميمها وتنفيذها؛ وإذا لم يكن ذلك ممكناً، يمكن أن تضطلع لجنة تنسيق مشتركة بتقديم التوجيه والتنسيق. ونظراً لأن المعلمين لهم مستويات مختلفة من الخبرة والتدريب في سياقات ما بعد الكوارث، وقد يكونون من كبار المثقفين أو أعضاء المجتمع، فيجب أن تتوفر لهم إمكانية الوصول إلى التدريب على المعارف بالموضوع الأساسي إذا لزم الأمر، وكذلك في مناهج التدريس والتعلم، ويشمل ذلك الانضباط الإيجابي، وإدارة الفصول الدراسية، والمناهج التشاركية التي تركز على التدريس والتعلم الشامل فيما يتعلق بنهج التنوع (INEE, 2010: 83–4). وقد يكون التدريب في المجالات التالية ضرورياً أيضاً:
على الرغم من أن تدريب المعلمين غالباً ما يُفترض أنه دور الدولة، تحت رعاية وزارات التعليم، فإن هنالك العديد من الحالات التي تقدم فيها الجهات الفاعلة غير الحكومية إسهاماً لا يقدر بثمن في تدريب المعلمين. على سبيل المثال، يمكن للمنظمات غير الحكومية تدريب المعلمين بدلاً من - أو بالنيابة عن الدولة -: قد يحدث هذا حين تكون مؤسسات تدريب المعلمين الحكومية وبرامجه غير فعالة لسبب أو لآخر (على سبيل المثال، في أثناء أو ما بعد النزاعات)، وبالتوازي مع المبادرات التي تديرها الدولة في برامج تعليم المعلمين المتكاملة. ويتطلب ذلك إطار شراكة واضح، ويتطرق لجوانب عدة مثل التنظيم والتوجيه.
وقد يسهم وجود شركاء متنوعين في تعليم المعلمين، عند تنظيمهم وتوجيههم جيداً، في تطوير منهجيات وأساليب تربوية أفضل عبر نظام وطني. وفي موزمبيق، على سبيل المثال، تعمل إحدى عشرة كلية لتدريب المعلمين تحت إدارة منظمة (ADPP في موزمبيق) وهي منظمة وطنية غير حكومية، وعضو في اتحاد منظمات “هيومانا”، وذلك إلى جانب مجموعة من مؤسسات تدريب المعلمين التي تديرها الدولة (Humana People to People, 2013). فهي تقوم بتدريس المنهاج ذاته، ويتقدم المتدربون لاختبار موحد؛ وينظر للمؤسسات التي تديرها منظمة “إيه دي بي بي” أن لها تأثير إيجابي، على نطاق واسع، في أساليب تدريب المعلمين وتعليمهم المستخدمة في المؤسسات التي تديرها الدولة.
تتطلب استراتيجية النشر القائمة على الاحتياجات الحالية، معلومات موثوقة وحديثة بشأن الخصائص والاحتياجات والتفضيلات لكل من المعلمين الذين يبحثون عن التعيين، والمدارس التي تسعى إلى توظيف أعضاء هيئة التدريس. وكما هو مذكور أعلاه، يعد الاستخدام الفعال لنظام معلومات إدارة المعلم، أو نظام معلومات وزارة التعليم، الطريقة الأكثر فعالية لإدارة استراتيجية النشر (لمزيد من المعلومات: انظر (ILO, 2012: 14–16).
ويوجد نموذجان أساسيان لنشر المعلمين:
ويعتمد اختيار النموذج على كيفية تنظيم قطاع الخدمات العامة تاريخياً في بلد معين. ولكل نموذج مزاياه وعيوبه. ويمكن أن يكون أحد الآثار السلبية لنماذج النشر الوطنية، أو دون الوطنية، تعيين المعلمين في مناطق لا يتحدثون لغتها الأم، مع عواقب سلبية على رفاههم وقدرتهم على التدريس. ومع ذلك، قد تؤدي النظم القائمة على المدرسة إلى تفاقم أوجه التفاوت القائمة في نشر المعلمين، وتفضيلهم للمدارس الأكثر ثراء، والمدارس الحضرية.
ومن الناحية النظرية، يجب أن توفر الأنظمة المُدارة مركزياً نشراً أكثر إنصافاً للمعلمين، من حيث مطابقة احتياجات المدارس مع مواصفات المعلمين الباحثين عن وظيفة. وعلى أرض الواقع، يؤدي كلا النموذجين إلى تخصيص الوظائف الأكثر جاذبية - في المدارس ذات الأداء الجيد (غالباً ما تكون في المناطق الحضرية) - للمعلمين الأكثر خبرة وذوي المؤهلات العالية، وتخصص الوظائف الأقل جاذبية – في مدارس المناطق الريفية النائية أو الأقليات العرقية أو المناطق الحضرية المحرومة – للمعلمين الأقل تأهيلاً أو قليلي الخبرة، والأقل قدرة على التعامل مع هذه الظروف. ولذلك، فمن المرجح أن تبقى هذه الوظائف شاغرة، وأن تشهد معدلات تناقص عالية. وسواء كان نشر المعلمين مُداراً مركزياً أو تديره المدرسة، فإن التفاعل والتواصل بين السلطات الوطنية والمحلية، ضروري لضمان النشر المنصف (الكمي والنوعي) للمعلمين على المستوى المحلي. وستسعى السياسة الوطنية المعنية بالمعلم إلى تعزيز قدر أكبر من الإنصاف بين المناطق المحلية، بحيث يتوقف التمييز وعدم المساواة بانتقاء مدارس بعينها لبعض المعلمين.
ويجب أن تجد استراتيجية النشر الفعالة طرقاً لنشر المعلمين بحسب الوظائف المناسبة، وتحقيق التوازن بين احتياجات المدارس ورفاهية المعلمين. ويعد تحقيق هذه “الملاءمة” أمراً ضرورياً للسماح للمعلمين بتقديم أداء جيد، وضمان التزامهم بالوظيفة. وتعد عملية وضع استراتيجية النشر مهمة معقدة، لارتباطها بالهيكل الوظيفي، والحصول على التطوير المهني المستمر والمكافآت والحوافز. ولذلك فهي أحد الجوانب الرئيسية للسياسة المعنية بالمعلم ويترتب عليها تكاليف مالية يجب تقديرها. فتمويل استراتيجية النشر جزء من العملية المعقدة لحساب التكاليف وتحديد التمويل للسياسة المعنية بالمعلم الموضحة في الفصلين الرابع والخامس.
تنطوي استراتيجية النشر الفعالة على نشر المعلمين حيث تكون هناك حاجة ماسة إليهم. ويجب أن تضمن استراتيجية النشر، على وجه الخصوص، توفير المعلمين في المناطق الريفية النائية والمناطق الحضرية المحرومة. وأن تتعامل مع الحقائق والاحتياجات الخاصة للمدارس في هذه المجالات؛ وأن تحدد وتوظف وتستبقي المعلمين أصحاب المهارات والالتزام اللازم للعمل في تلك المدارس، والقادرين على التفاعل مع المتعلمين – تحفيزهم - وأولياء أمورهم والمجتمع ككل. وتسمح العديد من الاستراتيجيات الواعدة بنشر المعلمين في هذه المواقع:Footnote 13
وكما ذكر سابقاً، قد تشمل تلبية احتياجات المدارس في المناطق التي يصعب الوصول إليها توظيف المعلمين المحليين وتدريبهم، المرجح اندماجهم وقبولهم من المجتمع المحلي، ويتحدثون اللغة الأم ويلتزمون بالبقاء في المدرسة أو المنطقة المحلية. ويجب إدراك أن هذه الاستراتيجيات ليست بالحصرية: فقد تتضمن استراتيجية النشر، على سبيل المثال، توظيف المعلمين المحليين وتدريبهم، وفي ذات الوقت جذب معلمين من مناطق جغرافية أخرى من خلال توفير حوافز كبيرة، وعليه، تعزيز التنوع وجودة أعضاء هيئة التدريس. ولن تكون الاستراتيجيات المبنية على الحوافز فعالة إلا إذا كانت جزءاً من سياسة جيدة التصميم والتنفيذ، وتخفف من العواقب الضارة وغير المقصودة بفعالية.
اعتمدت دول منظمة وزراء التعليم في جنوب شرق آسيا عدداً من الحوافز الإبداعية لضمان نشر المعلمين في الأماكن التي بأمس الحاجة إليهم: بإنشائها وظائف "معلم خاص" للمناطق النائية جداً مثل برنامج نشر المعلم (الفلبين)؛ ومنح حوافز أخرى لجذب المعلمين إلى المجتمعات المحرومة كبدل السكن (جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية)، والرواتب المرتفعة أو تمويل المشاريع (فيتنام)؛ ورواتب إضافية مقابل التعيينات المتفق عليها في المناطق النائية (إندونيسيا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية)؛ والمنح والجوائز (الصين، والفلبين، وفيتنام)؛ وتوسيع قاعدة التدريس المتعدد الصفوف في المناطق التعليمية الصغيرة (جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وإندونيسيا)؛ والتوظيف المحلي والتدريب في أثناء الخدمة بالقرب من أماكن العمل، وتقديم معلومات بسيطة وشفافة لمديري المستوى المحلي بشأن النشر (مخطط الترميز بالألوان، الفلبين).
يذكر الإطار 3.8 توسيع قاعدة التدريس المتعدد الصفوف كاستراتيجية للنشر المنصف. وعادة ما تتبعه الدول النامية لتلبية احتياجات التعليم في المناطق الريفية والنائية حيث التعداد السكاني المنخفض. وتشير بيانات معهد اليونسكو للإحصاء (2012) إلا أنه في بعض دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومنها بوركينا فاسو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو، يدرس 10% على الأقل من الطلاب ضمن نظام تدريس متعدد الصفوف. وفي تشاد، يُدرّس ما يقرب من نصف جميع الطلاب في هذه الفصول الدراسية. وترمي الخطة الاستراتيجية لقطاع التعليم في كمبوديا إلى تطوير تدريب المعلمين على منهجية الفصول الدراسية المتعددة الصفوف في المدارس النائية، مع إعطاء الأولوية للمعلمين الذين يقومون بها بالفعل. وترمي أيضاً إلى وضع خطة عمل سنوية معنية بالفصول الدراسية المتعددة الصفوف في المناطق النائية، وتلك التي تسكنها مجموعات الأقليات العرقية (UNESCO, 2014a).
يجب أن يكون نشر المعلمين المؤهلين حديثاً في الوظائف الأولية جزءاً من نظام نشر متكامل، وعلى أساس مبادئ الإنصاف والشفافية. وأن يضمن هذا النشر:
Footnote 14 على استراتيجية النشر أن تحترم الحق في الحياة الأسرية. وذلك بنشر المعلمين ذوي المسؤوليات العائلية، وخاصة من لديهم أطفال في سن المدرسة وما دونها، في الوظائف التي تسمح لهم بتنفيذ هذه المسؤوليات. وينبغي أن تأخذ الاستراتيجية في الاعتبار أماكن عمل عائلاتهم. فعندما تطرح وظائف لا تتوافق مع الحياة الأسرية، يجب تقديم- بدل نقل الأسرة -، أو محل إقامة مناسب. والمعلمون الذين يقبلون وظائف لا تسمح لهم بالعيش في منازل أسرهم، أن يحصلوا على نفقات سفر للسماح لهم بالعودة إلى منازلهم بانتظام.
يجب اتخاذ الترتيبات اللازمة لنقل المعلمين الذين تتغير ظروفهم الشخصية أو المهنية، بقدر ما يتوافق مع احتياجات التوظيف في المدارس. وأن تتم عمليات النقل وفقاً لمبادئ الإنصاف والشفافية ذاتها التي تحكم النشر، وتحقيق التوازن بين احتياجات المعلمين والمدارس. ويمكن أن يسهل استخدام نظام معلومات إدارة المعلم / نظام معلومات وزارة التعليم إدارة عمليات النقل.Footnote 15
إن وجود هيكل أو مسار وظيفي يسمح بتقدم مهنة المعلم وتطويرها أمر حاسم لجذب المعلمين وتحفيزهم واستبقائهم، ومن ثم، المساعدة في تعزيز هيئة التدريس بالمعارف والكفاءات والظروف المناسبة لتعزيز التعلم. ويضمن تعزيز التقدم الوظيفي وجود معلمين من ذوي الخبرة والكفاءة يمكنهم إرشاد المعلمين الأقل خبرة وتدريبهم. وتؤثر البنية الوظيفية أيضاً في استبقاء المعلمين، كونها تحفز المعلمين على التطور. في حين أن المسارات المهنية قد تعد مكلفة نوعاً ما، إلا أنها أقل تكلفة من توفير التدريب للمعلمين الذين يغادرون بعد وقت قصير من تعيينهم. ويجب أن يوفر المسار الوظيفي مكافآت وحوافز مجدية، مالية وغير مالية، لتحفيز المعلمين على التقدم. وكما ذكر سابقاً، يرتبط التقدم على طول المسار الوظيفي بالانتفاع بخيارات التطوير المهني المستمر والهادف. ولذلك، يجب أن يتماشى التطوير المهني المستمر مع الأدوار المختلفة للمعلم داخل الهيكل الوظيفي، حتى يتمكن المعلمون من الحصول على التطوير المهني المنتظم الذي يدعم تطورهم الوظيفي.
ويجب أن يتحلى الهيكل الوظيفي بالإنصاف ويسمح بتكافؤ الفرص في التطور؛ ويعتمد ذلك على تصنيف الوظائف الفعال، والمعايير الواضحة والشفافة والمنصفة للتطور والترقيات. وأن تعكس الهياكل الوظيفية احتياجات وسياقات النظام التعليمي: فإذا كان النظام التعليمي، على سبيل المثال، يعاني من التناقص المفرط في أعداد المعلمين، أو من نقص بالمعلمين المؤهلين ليصبحوا موجهين أو قادة للمدارس، يجب تكييف الهيكل الوظيفي للاستجابة لهذه الاحتياجات (ILO, 2012: 54).
يمتاز الهيكل الوظيفي الجيد الذي يراعي احتياجات النظام التعليمي بكونه متنوعاً، مما يوفر خيارات وظيفية متعددة - ولكن متكافئة - للمعلمين.
كانت الطريقة الوحيدة للمعلمين للتطور، بعد مرحلة معينة من تحمل المسؤولية والمكافآت في كثير من الأحيان، حتى وقت قريب نسبياً هي ترك الفصل الدراسي لشغل وظائف في إدارة المدرسة أو إدارة التعليم أو إعداد السياسة؛ وكان يعرف هذا بالتطور الوظيفي “العامودي”. واليوم، تسمح مجموعة من الخيارات بالتطور الوظيفي “الأفقي”، مع الاعتراف بالحاجة إلى السماح للمعلمين الجيدين بمواصلة التدريس واستخدام خبراتهم وكفاءاتهم لصالح المعلمين الآخرين. ويشمل المسار الوظيفي الأفقي عدة فئات، مع النطاقات المتعلقة بالرواتب. ويمكن للمعلم الحصول على ترقية الفئة الأولى - تلك الخاصة بالمعلمين المؤهلين حديثاً أو الخريجين - بحصوله على “الترخيص” أو الحصول على شهادة جامعية. وأنشأت أنظمة التعليم المختلفة سلسلة من الفئات أو المستويات المختلفة، بعناوين مثل “المعلم الموهوب”، و“المعلم الخبير”، و“المعلم الرائد”، و“المعلم الموجه”، و“المعلم القائد”. ويجب أن ترتبط كل فئة بإطار كفاءة واضح يصف معايير الأداء المطلوبة والأدلة المستخدمة لتعريفها (انظر القسم 3.7).
وعادة ما تتضمن فرص التطور الوظيفي الأفقي البقاء في الفصل الدراسي معلماً خبيراً أو العمل على تطوير المناهج والمواد، ودعم الزملاء وإرشادهم، والتخطيط وتنسيق التدريس لمجال معين أو صف معين ( رئيس قسم أو رئيس عام)، أو معلماً من ذوي “المهارات المتقدمة”، بتولي مسؤوليات دعم القيادة المدرسية. وقد يشمل أيضاً أدواراً خارج المدرسة، مثل توجيه المعلمين في مجموعة من المدارس، أو توفير القيادة أو التدريب لمجموعات المعلمين، أو المساهمة في تطوير المناهج أو البحوث. وبالإضافة إلى الزيادة في الراتب (الأجر)، قد تستلزم هذه الوظائف مكافآت إضافية، مثل بدلات المسؤوليات الإضافية، وبدلات منسق الصف والمادة، وبدلات التوجيه، أو إمكانية تقليل ساعات التدريس.
يتضمن التطور الوظيفي العامودي التقدم إلى دور دعم عملية التدريس بوجه العام، عادةً في منصب إداري أو قيادي. وغالباً ما تتضمن هذه المسارات الترقية إلى مدير المدرسة أو نائب مدير المدرسة، أو مفتش المدرسة، أو مدرب المعلمين، أو مسؤول التعليم على مستوى المنطقة، أو الولاية، أو الإقليم، أو المناصب الإدارية أو الإشرافية أو الاستشارية أو التخطيطية في الوزارات أو إدارات التعليم. وهنالك مزايا مختلفة لترقية المعلمين إلى فرص عمل عامودية، شريطة أن تكون هذه الترقيات مصحوبة بالتدريب والدعم اللازمين. والمعلمون المدركون لواقع الفصل الدراسي والبيئة المدرسية من المرجح أن يطبقوا هذه المعرفة الداخلية في دورهم الجديد؛ لذا فإن التوقعات المصاحبة لإدارتهم المدارس وشؤون المعلمين قد تكون مرتفعة وأكثر عدالة وواقعية. لكن الخطر يتمثل في أن إسهاماتهم قد تكون محدودة بالممارسات الحالية، وعدم قيامهم بالدفع باتجاه تحقيق تغيير إيجابي كبير. ولكن عندما يترقى المعلمون إلى مناصب قيادية، يجب تعيينهم رسمياً، وتلقي التدريب على وظائف القيادة، ومكافأتهم على هذه المسؤوليات.Footnote 16
يعد منح المعلمين حق الحصول على الإجازة وتمكينهم من التدريس بدوام جزئي في مراحل مختلفة من حياتهم المهنية عنصراً مهماً في الهيكل الوظيفي المتنوع. فحصول المعلمين على إجازة أو أداء عملهم بدوام جزئي يمكنهم من إجراء المزيد من التطوير المهني أو التدريب، وذلك لتعزيز تطورهم الوظيفي وليكونوا قادرين على التدريب للانتقال من مستوى تعليمي إلى آخر، على سبيل المثال، من تعليم مرحلة الطفولة المبكرة إلى التعليم الابتدائي (انظر الأقسام 2.1.3 و 3.2). فضلاً عن ذلك، تعد المرونة والقدرة على الجمع بين المهنة ومسؤوليات أخرى، مثل رعاية الأطفال الصغار (للأمهات)، أو تحمل مسؤوليات عائلية مختلفة، أو متابعة خطط التطوير الشخصية أو المهنية الأخرى، عاملاً في جذب الأفراد واستبقائهم في التدريس. وقد تتجاوز هذه المرونة استحقاقات الإجازة القانونية، مثل إجازة الأمومة أو الإجازة المرضية للأمراض المزمنة والموهنة. ويتطلب هذا الأمر توافر سياسة معنية بتوظيف المعلمين البدلاء وتمويلهم (المعروفين أيضاً باسم المعلمين الإضافيين) لسد النقص في المعلمين تبعاً للأنواع المختلفة من الإجازات.Footnote 17
ويتوجب أن يتضمن الهيكل الوظيفي بنداً للمعلمين يتيح لهم التقدم بطلب للعمل بدوام جزئي في مراحل معينة من حياتهم الشخصية والمهنية، مع إمكانية العودة إلى العمل بدوام كامل بمجرد تغير ظروفهم. ومن المحتمل أن يؤدي السماح للمعلمين بالعمل بدوام جزئي، أو الحصول على إجازة، إلى استبقاء المعلمين الذين قد يضطرون إلى الاستقالة أو التقاعد مبكراً. وعند النظر في طلبات الحصول على الإجازة أو العمل بدوام جزئي، يجب أخذ الاحتياجات الحالية للمدرسة أو نظام التعليم في عين الاعتبار، وإمكانية تعيين المعلمين البدلاء، وأن تستند هذه الإجراءات إلى مبادئ ومعايير واضحة وشفافة ومنصفة.
يجب أن تسعى السياسة المعنية بالمعلم إلى إنشاء أفضل بيئة عمل (التدريس / التعلم) لتحفيز المعلمين الأفراد وفريق المدرسة على تحقيق ثلاثة أهداف متزامنة ومتشابكة:
ويجب أن تسترشد السياسة المعنية ببيئة العمل بمجموعة من المبادئ :
ووفقاً للمعايير الدولية، يجب وضع سياسة معنية بظروف عمل المعلم بالتشاور أو التفاوض مع ممثلي نقابة المعلمين - ويعد هذا الأمر عاملاً رئيسياً في تحسين جودة التعلم - (ILO/UNESCO, 1966; ILO, 2012; OECD, 2005; UNESCO, 2014a).
ولسياسة التوظيف وظروف العمل تأثير قوي في بلورة تصور مهنة التدريس، وفي قدرة المهنة على جذب المرشحين ذوي الجودة العالية واستبقائهم، وفي تحفيز المعلمين، والمعنويات والرضا الوظيفي (انظر على سبيل المثال، Bennell, 2004; Bennell and Akyeampong, 2007; Mulkeen, 2010; Mulkeen and Chen, 2008; VSO, 2002 and 2008; UNESCO, 2010a). وتشمل ظروف العمل التي تؤثر على نحو إيجابي أو سلبي في دوافع المعلمين ومعنوياتهم، فضلاً عن الجذب والاستبقاء والالتزام، ما يلي:
تدعو توصية عام 1966 (المواد 89-93) إلى أن تعتمد ساعات العمل على جميع الجوانب المعنية بعمل المعلمين وعلى الاحتياجات الشخصية والأسرية. ومع ذلك، في العديد من السياقات، لا تكون عقود المعلمين صريحة وواضحة فيما يتعلق بتعريف «ساعات العمل». وسواء تم تحديد ساعات العمل استناداً إلى تعريف وقت التدريس / التعلم أو الوجود في المدرسة / العمل أو إجمالي ساعات العمل المتوقعة حسب اليوم أو الأسبوع أو الشهر أو السنة، يجب أن تحدد السياسة المعنية بالمعلم ساعات العمل المتوقعة للمعلمين مع مراعاة ما يلي : Footnote 18
وفضلاً عن تحديد ساعات عمل المعلمين، يندرج تحديد مبادئ معينة للتدريس داخل الفصل الدراسي في نطاق الأمور التي ينبغي للسياسة المعنية بالمعلم تحديدها، ولا سيما فيما يتعلق بدروس التقوية والمعالجة، التي في بعض السياقات تحل محل التدريس في الفصول الدراسية (انظر (UNESCO, 2014a: 271–72) لمزيد من التفاصيل والأمثلة على استجابات السياسات في عدد من البلدان).
وعندما تعمل المدارس لأكثر من مناوبة واحدة بسبب عدم كفاية المدارس أو المعلمين بالنسبة إلى عدد السكان في سن الالتحاق بالمدرسة، غالباً ما يُطلب من المعلمين التدريس بنظام المناوبات، أو يختار المعلمون ذلك. وعندما تكون رواتب المعلمين بنظام المناوبة الواحدة غير كافية، فإن هذا “الاختيار” هو في الواقع ضرورة. ويؤدي التدريس المتعدد المناوبات إلى تقليل وقت تعلم التلاميذ، وتراكم التعب لدى المعلمين وتدني التزامهم؛ مما يعرض جودة التعليم للخطر، وهذا أحد العوامل التي تسهم في تدني التقدير الاجتماعي والمهني للمعلمين في العديد من البلدان الفقيرة (ILO, 2012; UNESCO, 2010a; VSO, 2008). ولذلك يشجع واضعو السياسات على التخلص التدريجي من التدريس المتعدد المناوبات بأسرع ما يمكن. فضلاً عن ذلك، ينبغي عدم اضطرار المعلمين إلى التدريس عدة مناوبات بسبب الاحتياجات المالية نظراً لانخفاض الرواتب إلى حد غير مقبول (انظر القسم 3.6).
وتتيح السياسة الجيدة المعنية بالمعلم تحديد أعباء عمل وترتيبات زمنية مرنة لتحقيق أهداف فعالية المعلم، والتوازن بين العمل والحياة، ويشمل ذلك الترتيبات التي تمنح امتيازات للمعلمين الأصغر أو الأكبر سناً، والرجال والنساء ذوي المسؤوليات العائلية، والمعلمين الراغبين في العمل بدوام جزئي أو المشاركة في العمل، والمعلمين الذين يعانون من حالات صحية خاصة، مثل فيروس نقص المناعة البشرية أو ذوي الإعاقة. وتحتاج مثل هذه السياسات إلى التكيف مع هذه الظروف، بقدر الإمكان، وتجنب العبء المفرط على إدارة المدرسة / إدارة المعلمين. وقد تتضمن هذه السياسات بعض الأحكام بشأن ما يلي:
يعد حجم الفصل الدراسي عاملاً مهماً في عبء عمل المعلم والرضا الوظيفي أو عدم الرضا. وترتبط الفصول الدراسية الأكبر بمستويات أقل من الرضا الوظيفي في عدد من البلدان (UNESCO, 2010a).
وفضلاً عن تحديد احتياجات توظيف المعلمين ونسبة التلاميذ إلى المعلمين المرغوب فيها، قد تضع السياسة المعنية بالمعلم حدوداً منظمة أو مؤشرات أكثر مرونة لحجم الفصل الدراسي، مقياساً لبيئة التدريس والتعلم الحقيقية. ومع أن هنالك بعض الادعاءات التي لا يمكن تجاهلها بأن حجم الفصل الدراسي ليس مسألة مهمة لنجاح التعلم، فإن ثمة بيّنات كافية تدعم وضع لوائح أو مؤشرات لحجم الفصل الدراسي تستهدف فعالية المعلم، وتحقيق أهداف التعلم، خاصة:
وتشير البيّنات المستمدة من الأبحاث والتجارب الواقعية، إلى أهمية السياسات التي تتناول تفاصيل حجم الفصل الدراسي، وفقاً لسياقات البلد، خاصةً فيما يتعلق بما يلي:
ونظراً إلى آثار السياسة الخاصة بحجم الفصول الدراسية في متطلبات توظيف المعلمين ومن ثم الموارد المتاحة، وكذلك الحاجة إلى الحفاظ على معايير الجودة في أحجام الفصول الدراسية الأصغر، يجب أن تأخذ السياسة الخاصة بحجم الفصول الدراسية تمويل التعليم الحالي والمتوقع – المحتمل - بعين الاعتبار (انظر القسم 3.6) (ILO/UNESCO, 1966; ILO, 2012; OECD, 2005; OECD, 2013a; OECD, 2014a; UNESCO, 2014a; UNESCO/OREALC, 2013, World Bank, 2013).
تعد البنية التحتية للمدرسة عاملاً رئيساً فيما يتعلق بنتائج التعليم ورضا المعلمين والتحفيز والوضع الاجتماعي. وتعيق البنية التحتية الضعيفة والأثاث المهترئ، الذي لا يصان بقدر كاف، التعلم الفعال وترسل رسائل سلبية بشأن قيمة المعلمين والتعليم (UNESCO, 2014a; VSO, 2002 and 2008). ويجب أن يتاح للمعلمين الوصول إلى غرف الموظفين أو المساحات المخصصة ليمكنهم أداء مهام مهنية غير تعليمية، والتشاور مع الزملاء، وما إلى ذلك. وعلى أرباب العمل أن يحرصوا على أن تكون مباني المدارس آمنة وفعالة للتدريس والتعلم الفعال والأنشطة اللامنهجية، بالتعاون مع المعلمين وممثليهم، وعلى استشارة المعلمين وموظفي المدرسة الآخرين بشأن تصميم وبناء المدارس.
وعلى المدارس تلبية المعايير الصحية المعمول بها. وتوفير مصادر المياه النظيفة والآمنة، ومرافق الصرف الصحي الكافية من حيث الجودة والكم، ويشمل ذلك توفير مراحيض منفصلة وآمنة للطلاب الذكور والإناث، والمعلمين والمعلمات، مع مرافق لغسل اليدين قريبة بعضها من البعض.
ونظراً لأن البنية التحتية للمدرسة تؤثر بالضرورة في الرفاهية والتطور الفعال للتلاميذ والمعلمين وغيرهم من موظفي المدرسة، فهذا أمر يتعلق بالسياسة الأوسع المعنية بالتعليم. ومع ذلك، قد تحدد السياسة المعنية بالمعلم مبادئ استشارة المعلم في قضايا التصميم والصيانة المدرسية، فضلاً عن بيئة العمل الآمنة والصحية (انظر أيضاً القسم 3.9 المعني بإدارة المدرسة، والقسم 3.10 المعني بالبيئة المدرسية).
يعد توفر المواد التعليمية الكافية وذات الجودة العالية للمعلمين، وللمتعلمين، ويشمل ذلك الكتب الدراسية، عاملاً رئيسياً في إرضاء المعلمين وتحفيزهم، وكذلك في جودة مخرجات التعليم (UNESCO, 2014a). ويجب استشارة المعلمين بشأن وسائل التدريس والتعلم التي سيستخدمونها، والمشاركة في اختيارها وتطويرها (ILO/UNESCO, 1966). وفضلاً عن إعطاء الأولوية لتوفير وسائل التدريس والتعلم الجيدة، قد تعزز السياسة المعنية بالمعلم الحلول الإبداعية لزيادة الفعالية التعليمية إلى أقصى حد ممكن. ويمكن في السياقات الشحيحة الموارد أن يركز تعليم المعلمين - الأولي والمستمر على حد سواء - على مساعدة المعلمين في تقديم تعليم فعال باستخدام الموارد المتاحة محلياً، فضلاً عن تدريب المعلمين على إنشاء وسائل التدريس والتعلم باستخدام الموارد المحلية. وعندما يُتوقع من المعلمين إنشاء وسائل تعليمية خاصة بهم، يجب مراعاة ذلك في حساب ساعات عملهم.
يجب أن تحاول السياسة المعنية بالمعلم معالجة بيئة الفصل الدراسي ضمن التدابير المصممة لتحسين صحة المعلم وسلامته ورضاه الوظيفي وفعاليته، ومن ثم، ضمان جودة مخرجات التعليم. وقد أكدت البيّنات من البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط الأهمية المتزايدة لانضباط الطلاب وسلوكهم داخل الفصول الدراسية والمدرسة؛ وتأثيره الكبير في الرضا الوظيفي للمعلمين والشعور بالكفاءة الذاتية. وتعد جودة الحوكمة والإدارة المدرسية (القسم 3.9) عاملا ً رئيسياً في إيجاد بيئات مدرسية وفصول دراسية أفضل للمعلمين والمتعلمين (ILO, 2012; OECD, 2005; OECD, 2014a; UNESCO/OREALC, 2013).
يعد التدريس مهنة عالية المخاطر في العديد من البلدان. ففي السنوات الماضية، تعرضت العديد من المدارس والمعلمين والتلاميذ إلى هجمات على نحو متكرر، في دول مثل أفغانستان، وكولومبيا، وجورجيا، والهند، والعراق، ونيبال، وباكستان، وفلسطين، وتايلاند، وزيمبابوي. وتعود الاعتداءات والهجمات على المدارس والمعلمين إلى العديد من الأسباب: كمنع التعليم، وخاصة تعليم الفتيات، لكي لا تتبوأ الفتاة مكانتها في المجتمع؛ واستهداف الطلاب أو المعلمين أو الأكاديميين لآرائهم أو نشاطهم السياسي، أو دعمهم لحقوق الإنسان أو المشاركة في النشاط النقابي؛ في أثناء العمليات الأمنية أو العسكرية، أو في إطار التكتيكات العسكرية؛ كاختطاف الأطفال والبالغين للانضمام إلى المتمردين أو القوات المسلحة؛ أو للعمل القسري أو الإجبار على تقديم خدمات جنسية.
ومهما كانت الدوافع، فإن مثل هذه الهجمات “تنطوي على الاستخدام المتعمد للقوة بطرق تؤدي إلى تعطيل وعرقلة توفير التعليم أو الانتفاع به” (UNESCO, 2010c: 27–28). وللعنف الممارس على المدرسة عواقب كثيرة على المعلمين، ومنها ما يلي:
وتمثل السياسات الملائمة للسياق لتعزيز دعم المعلمين وحمايتهم أحد عناصر استجابة السياسة “لتعزيز احترام المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى واعتبارها ملاذات ومناطق سلام آمنة من أجل حماية الحق في التعلم” (UNESCO, 2010c: 36).
وتشمل الأوجه الأخرى للعنف في المدارس، العنف الجنساني ضد الطالبات والمعلمات، وكذلك العقاب البدني، وهو ما أكده المعلمون أنفسهم: “العنف الجنساني يضر فرص الفتيات في التعلم، وهو عامل رئيسي في مغادرة المعلمات للمهنة” (UNESCO, 2014a: 266, 269). وبناءً على ذلك، يجب أن تتضمن السياسة المعنية بالمعلم أحكاماً لجعل المعلمين على دراية بأدوارهم ومسؤولياتهم المهنية، ووضع عقوبات للمعلمين الذين ينتهكون قواعد السلوك المهني (كما هو موضح أيضاً في القسم 2.1.4). وأن تشير السياسة صراحة إلى العنف ضد التلاميذ؛ وأن تراعي العقوبات حقوق الطفل القانونية وأطر الحماية، وتطبيقها بفعالية (UNESCO, 2014a: 303). وفي كينيا، تحتوي اللوائح الجديدة للجنة خدمات المعلمين، التي صيغت بدعم من نقابات المعلمين، على أحكام تنص على إلغاء تسجيل واعتماد المعلمين المدانين بارتكاب اعتداءات جنسية ضد التلاميذ.
العمل بصورة مباشرة مع نقابات المعلمين وسيلة مهمة لبناء الدعم لاتخاذ إجراءات ضد المعلمين الذين ينتهكون قواعد السلوك. ففي كينيا، تعاون فريق الدعوة لوقف العنف ضد الفتيات في المدارس مع لجنة خدمات المعلمين، ووزارة التعليم، والاتحاد الوطني الكيني للمعلمين، وإدارة حماية الأطفال لصياغة مشروع قانون برلماني على أساس تعميم لجنة خدمات المعلمين لعام 2010 بشأن الاعتداء الجنسي. ويرمي مشروع القانون إلى تعزيز إجراءات الإبلاغ عن حالات الاعتداء أو العنف التي يرتكبها المعلمون، وضمان عدم نقل المدانين ببساطة إلى مدارس أخرى. فضلاً عن ذلك، ينص التعميم على أن أي فشل في الإبلاغ عن أي محاولة أو محاولة التستر عليها سيؤدي إلى إجراءات تأديبية. وأفادت التقارير بأن الاتحاد الوطني للمعلمين، الذي كان في السابق في كثير من الأحيان كتلة للإصلاح، ملتزم الآن بتجنب حماية المعلمين المدانين بارتكاب الجرائم، وأنشأ قاعدة بيانات مركزية لتتبع المعلمين المدانين بارتكاب جرائم جنسية.
ترتبط الاحترافية المهنية للمعلم بـ“مجموعة” من العوامل: التعليم الأولي والمستمر العالي الجودة؛ ومستويات عالية نسبياً من المكافأة والوضع الاجتماعي؛ ودرجة من الاستقلال والسيطرة على الممارسة المهنية لكل من المعلمين الأفراد والمهنة بوجه عام. وتتفاعل هذه العناصر المختلفة بعضها مع البعض: فيجب أن تكون جودة المعلم والتعليم على درجة من الكفاءة تسمح باستقلال المعلم. وفي فنلندا، يتمتع المعلمون بمكانة تعليمية واجتماعية ومهنية عالية، ويتمتعون بدرجة عالية من الاستقلال داخل الفصول الدراسية وبيئة العمل، بعد أن اكتسبوا ثقة أولياء الأمور والمجتمع بوجه عام، من خلال قدرتهم الواضحة على استخدام السلطة التقديرية المهنية، واختيارهم للطريقة التي يديرون بها الفصول الدراسية مستجيبين للتحديات المتمثلة في مساعدة جميع الطلاب تقريباً على التحصيل والتعلم الفعال ((OECD, 2011b: 11) انظر أيضاً الإطار 2.3). وعلى النقيض من ذلك، حين يفتقر المعلمون وممثلوهم إلى التأثير والتحكم في ممارسات التدريس وظروف العمل الخاصة بهم، فمن المرجح أن يشعروا بالإحباط، وتراجع قوتهم وقدرتهم على تحقيق أفضل النتائج الممكنة للمتعلمين. وهذا بدوره يؤدي إلى حلقة مفرغة من المكانة الاجتماعية المتدنية، والدافع المنخفض والمعنويات المتدنية، وضعف الأداء والمخرجات المهنية.
وبناءً على ما تقدم، تعزز السياسة الشاملة المعنية بالمعلم استراتيجيات التطور التدريجي لمهنة التدريس العالية الجودة، من خلال تعزيز مختلف جوانب الاحترافية المهنية، ويشمل ذلك توفير قدر أكبر من الاستقلال فهي جزء من نهج متكامل.
تُحدَّد العلاقة بين رب العمل والموظف من خلال الحقوق والالتزامات. ويجب أن تحدد السياسة المعنية بالمعلم شروط علاقة العمل بين المعلمين وأرباب عملهم. في بعض الحالات، قد تُضمَّن بوصفها سياسة منفصلة بموجب قانون العمل، وفي هذه الحالة يجب أن تتوافق السياسة المعنية بالمعلم مع هذه السياسة. ويجب أن تحدد السياسة المعنية بالمعلم حقوق المعلمين ومسؤولياتهم الخاصة بالسياق. وتشمل الأحكام والإجراءات الخاصة بتعيين المعلمين وتوظيفهم، الحصول على الشهادة، والتثبيت أو الأمن الوظيفي، والتقييم / الترقيات، وتحديد حالات الفصل من العمل. وفي كثير من الحالات، تشمل أيضاً الحق في حرية التعبير والدين - وحيثما لا تشملها سياسة منفصلة - إمكانية الانتماء إلى النقابة والمشاركة في المفاوضات الجماعية. وقد تحدد السياسة أيضاً الحقوق والمسؤوليات التعليمية، مثل ما يمكن وما لا يمكن تعليمه، والحرية الأكاديمية والمنهجية، وسياسات منح الدرجات واستخدام سجلات الطلاب وسلامة الطلاب ورفاههم (Osborne and Russo, 2011).
تشتمل المكافأة على مجموعة كاملة من المدفوعات النقدية وغير النقدية المقدمة تعويضاً عن العمل، وعادةً ما تكون “حزمة” من مكونات مختلفة. وإضافة إلى الأجر الأساسي (الراتب الأساسي)، يمكن أن تكون المكافآت مثل البدلات والمكافآت ومجموعة واسعة من الحوافز المالية وغير المالية، ويشمل ذلك المعاشات التقاعدية وسائر أنواع الضمان الاجتماعي، والإجازات المستحقة والوصول إلى فرص التطوير المهني المستمر، بمثابة أدوات لسياسة معنية بمكافأة المعلم. وينبغي للسياسة الشاملة المعنية بالمعلم تناول جميع هذه العوامل فيما يتعلق بتوظيف المعلمين، واستبقائهم، وتطويرهم، وتحفيزهم وفعاليتهم. وتمثل كل هذه الأدوات جزءاً من السياسة المعنية بمكافأة المعلم بدرجة أكبر أو أقل اعتماداً على الاحتياجات والظروف الوطنية.
يعد راتب المعلم مهماً لتوظيف المعلمين واستبقائهم. ومن منظور سوق العمل، تثبت أنظمة التعليم التي تدفع رواتب مغرية مقارنة بالمهن المماثلة أنها أكثر نجاحاً في جذب المعلمين ذوي الجودة العالية واستبقائهم. وتتأثر قرارات الأفراد بأن يسلكوا طريق مهنة التدريس ويلتحقوا ببرامج تعليم المعلمين بوجه خاص بمستويات الرواتب والحوافز المهنية التي تسهم معاً في جعل التدريس مهنة عالية المستوى. وتساعد سياسة الرواتب التي تقدر التدريس مقارنةً بالخيارات المهنية الأخرى في جذب أفضل خريجي المدارس الثانوية لمهنة التدريس. وتشير البيّنات خلال العقد الماضي إلى أن الراتب هو العامل الأساسي (وإن لم يكن الوحيد) في نجاح ما يُعرف الآن باسم “أنظمة التعليم العالية الأداء” (OECD, 2005; OECD, 2013a; World Bank, 2013).
وعلى النقيض مما سبق، حين يُنظر إلى رواتب المعلمين على أنها لا تتناسب مع مستويات التعليم والتدريب والمسؤوليات المطلوبة، أو لا تسمح للمعلمين بالعيش الكريم بلا شغل وظائف أخرى، فإن مهنة التدريس تخسر مكانتها، ويسفر ذلك عن آثار سلبية في محاور السياسة الثلاثة: توظيف المعلمين والتحفيز والاستبقاء. وتؤدي الرواتب التي لا تلبي حتى مستوى خط الفقر للأسرة في البلدان ذات الدخل المنخفض للغاية إلى صعوبات في توظيف المعلمين، وتغيبهم وانخفاض أدائهم بمختلف أوجهه (UNESCO, 2014a: 254).
ولتحقيق أهداف السياسة، يجب تحديد مستويات رواتب المعلمين بالارتباط بما يلي:
وسيجري في العديد من البلدان وضع السياسة التي تلبي المتطلبات المتعددة للتوظيف والاستبقاء والتحفيز والفعالية، على جدول أعمال التعليم للجميع ما بعد عام 2015 ومناقشة مسألة الفعالية من حيث التكلفة، وسيسفر ذلك في كثير من الحالات عن خيارات ومفاضلات صعبة على صعيد السياسات (للمزيد بشأن قضايا الوضع والرواتب، (GPE, 2014: 152–156).
وفي بعض السياقات، يعني ذلك إعطاء الأولوية على صعيد الموارد لتمويل التعليم على حساب مجالات أخرى. وعلى سبيل المثال، تنفق ليسوتو، لعدة أسباب منها قربها من جنوب أفريقيا الأكثر ثراءً، مع أنها واحدة من أفقر دول العالم، 13% من ناتجها المحلي الإجمالي وأكثر من 30% من إجمالي الإنفاق الحكومي على التعليم، وذلك للحفاظ على رواتب المعلمين بمستويات أعلى بكثير مما هي عليه في العديد من البلدان الأفريقية المماثلة - ما بين 3 إلى 5 أضعاف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2005 ولكن لا يزال ذلك أقل من رواتب الموظفين الآخرين في القطاع الحكومي (Mulkeen, 2010; GPE, 2005: 6–7).
وتم إسداء النصيحة للعديد من البلدان المنخفضة الدخل بتحديد رواتب المعلمين بحسب معيار أُنشئ في البداية بموجب مبادرة المسار السريع للتعليم للجميع بما يعادل 3.5 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للفرد، من أجل ضمان الموارد اللازمة لاحتياجات التدريس والتعلم الأخرى. وكان هذا المعيار عاملاً في توظيف المعلمين العاملين بموجب عقود مؤقتة على نطاق واسع (انظر القسم 3.1). وإذا ما استخدم، فيجب تعديله بحسب الناتج المحلي الإجمالي للبلد المعني - خاصة في البلدان المنخفضة الدخل جداً وذات الاقتصاد الرسمي الضعيف - وإلا فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الرواتب انخفاضاً حاداً جداً قد يصل أحيانًا لما دون مستوى خط الفقر الوطني (UNESCO, 2010a: 16; UNESCO, 2014a: 254). ونظراُ إلى أن هذا المعيار لا يأخذ بالضرورة في عين الاعتبار الرواتب النسبية لوظائف القطاع العام أو الخاص الأخرى التي تتطلب المستوى نفسه من التدريب والمسؤوليات، فقد يكون هذا مثبطًا لتوظيف المعلمين واستبقائهم.
وفي بعض البلدان، قد يتطلب رفع مستويات الرواتب مقايضات مع أهداف سياسية أخرى، بسبب القيود المفروضة على الإيرادات الحكومية. إن المفاضلة الأوضح هي بين الرواتب وأعداد المعلمين، ونسبة التلاميذ إلى المعلمين وأحجام الفصول الدراسية. ويمكن أيضاً زيادة وقت التعليم أو التدريس أو إجمالي ساعات العمل المطلوبة لتقليل الأعداد المطلوبة من المعلمين، وسيساعد ذلك في رفع قدرات المعلمين ومن ثم زيادة رواتبهم. وفي كلتا الحالتين، يجب الموازنة بين التأثير المحتمل في جودة التدريس والتعلم قبل اعتماد السياسات التي تزيد من حجم الفصل الدراسي أو وقت التدريس – ولكليهما تأثير في عبء العمل للمعلمين (القسم 3.5) وقد يقللان من الرضا الوظيفي للمعلم، في ظل الظروف الصعبة داخل الفصل الدراسي (OECD, 2013a: 191).
وفي الواقع، تختار بعض البلدان ذات الدخل المرتفع دفع رواتب أعلى بكثير للمعلمين المدربين تدريباً جيداً، وذلك مقابل قبول نسبة التلاميذ إلى المعلمين وأحجام الفصول. فجمهورية كوريا واليابان وسنغافورة هي بلدان مرتفعة الدخل بمتوسط أحجام للفصول في التعليم الثانوي لا يتجاوز ثلاثين متعلماً في الصف الواحد، وأقل قليلاً في التعليم الابتدائي، ولكن لا يزال أعلى بكثير من متوسط النسبة المقررة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتدفع هذه الدول لمعلميها أكثر بكثير من متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد، أو متوسط الرواتب التي يحصل عليها خريجو التعليم في وظائف مماثلة في القطاع العام أو الخاص (OECD, 2013a: 45; OECD, 2014b: 411, 454).
ومن ناحية أخرى، اختارت إندونيسيا ذات الدخل المتوسط في السنوات الماضية تأكيد زيادات رواتب المعلمين في الخدمة المدنية ليكون جزءاً من إضفاء قدر أكبر من الاحتراف المهني لمهنة التدريس، بينما في الوقت نفسه حافظت على نسبة منخفضة نسبياً لنسبة التلاميذ إلى المعلمين، ويرجع ذلك جزئياً إلى توظيف المعلمين العاملين بموجب عقود مؤقتة على نطاق واسع، الذين من المتوقع أن يستفيدوا في نهاية المطاف، على غرار المعلمين في الخدمة المدنية، من التوظيف والرواتب وتدابير الاحترافية المهنية (Chang et al., 2014; UNESCO, 2014a)
وستواجه البلدان التي لديها بالفعل معدلات كبيرة جداً لنسبة التلاميذ إلى المعلمين وأحجام الفصول الدراسية - خاصة في المدارس الابتدائية بينما تكافح في الوقت نفسه للوصول إلى التعليم الابتدائي الشامل والتعليم للجميع وتواجه نقصاً كبيراً في المعلمين - صعوبات في اختيار هذا النوع من المقايضة كونه جزءاً من السياسة المعنية بالمعلم. والبديل لتوظيف المعلمين ذوي الأجور المتدنية جداً مع الحفاظ على الرواتب بمستوى كافٍ لجذب المعلمين الجيدين واستبقائهم، قد يكون بتوسيع مصادر التمويل وتنويعها. وللعديد من البلدان ذات الرواتب المنخفضة التي تعاني من صعوبات في التوظيف / الاستبقاء، مستويات منخفضة نسبياً من مصادر تمويل التعليم كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي أو الناتج القومي.41 دولة فقط في العالم تخصص ما لا يقل عن 6% من الناتج القومي الإجمالي للتعليم، وهو الهدف الموصى به لتحقيق التعليم للجميع. وعلى الرغم من الزيادات الكبيرة منذ عام 2000 في فئة الدخل المنخفض بوجه عام، فإن 25 دولة من هذه الدول تخصص أقل من 3% من الناتج القومي الإجمالي للتعليم. البعض في الواقع يقلل التمويل أكثر. وستسمح الزيادة الكبيرة في تلك البلدان التي لم تصل بعد إلى هدف 6% بتخصيص حصة أكبر من الميزانية للتعليم، الأمر الذي سيوفر بدوره المزيد من الأموال للتوظيف ودفع رواتب معقولة للمعلمين اللازمين لسد النقص (UNESCO, 2014a: 24, 110–113).
ونظراً إلى أن الخيارات أكثر صعوبة للبلدان التي تعتمد كثيراً على المساعدات الدولية لتمويل تعليمها، تعد التزامات التمويل الطويلة الأجل من الجهات المانحة الدولية ضرورية لتكملة التزام الحكومة الوطنية بإعطاء الأولوية لتمويل التعليم، ويشمل ذلك رواتب المعلمين. وتكمن الحاجة إلى حوار بشأن السياسات والتماسك بين جميع الشركاء وممولي التعليم. فعلى الرغم من مبادئ فعالية المعونة - التي تعزز مواءمة آليات تمويل الجهات المانحة مع الأهداف الاستراتيجية في قطاع التعليم - يفضل المانحون دعم المشاريع على دعم الميزانيات، بسبب غياب أطر عمل موثوقة للميزانية المتوسطة الأجل، والمخاوف من سوء الإدارة المالية (Steiner-Khamsi, et al., 2008: 43, 46; OECD 2005/2008). وإلى جانب التردد في دعم التكاليف المتكررة (مثل رواتب المعلمين) وانخفاض المساعدات المعنية بالتعليم في السنوات الماضية يتوجب إيجاد مصادر تمويل أخرى، بالتزامن مع الضغط على المانحين للوفاء بالالتزامات السابقة (UNESCO, 2014a: 127–133).
واُقترح عدد من الطرق «لإيجاد فسحة مالية» واقتُرح المزيد من الموارد لتمويل رواتب المعلمين. وتشمل ما يلي: Footnote 19
تستخدم العديد من البلدان جدول رواتب موحد، يضم فصولاً أو نطاقات استناداً إلى المؤهل الأكاديمي، ويزداد الراتب ضمنها على نحو تدريجي، بناءً على الأقدمية أو سنوات الخدمة. وبدأوا الآن باستخدام مستويات المهارة أو الأداء على نحو متزايد، بناءً على المعايير المحددة في أطر الكفاءة كأساس لزيادة الرواتب (انظر القسم 3.7). وعادةً، تستند الزيادات الإضافية المنتظمة ضمن جداول الرواتب إلى سنوات الخبرة، في حين ترتبط الزيادات الأكبر باكتساب أعلى مستويات المهارة التي يحددها الهيكل الوظيفي - على سبيل المثال، من المعلم المؤهل حديثاً إلى صاحب الترخيص المهني، ثم المعلم الرائد، ثم معلم خبير (أو أياً كانت المصطلحات المستخدمة في هيكل مهني معين، كما هو موضح في القسم 3.4). Footnote 20
وفي العديد من البلدان، لا يمكن إجراء تغييرات على جدول رواتب المعلمين في نظام الخدمة المدنية بلا توسيعها بحيث تشمل جميع الموظفين المدنيين.
فضلاً عن الأجر الأساسي أو الراتب الأساسي – الذي يشمل معاشات التقاعد ومخصصات الضمان الاجتماعي (ويشمل ذلك الرعاية الطبية والاستحقاقات المرضية، وإصابات العمل وإعانات العجز، واستحقاقات التقاعد والورثة) - تشمل الحوافز المالية الأخرى مكافآت المعلمين وعلاوات لمسؤوليات خاصة، وحوافز لجذب المعلمين إلى المدارس التي يصعب تشغيلها للموظفين، واستحقاقات الأسرة، وإعانات السكن وإعانات المعيشة، وإعانات النقل والمساهمات المالية لمزيد من التدريب والتطوير المهني المستمر.Footnote 21
وكما ذكر سابقاً، يمكن استخدام الحوافز المالية لجذب المعلمين للعمل في المدارس التي يصعب تشغيلها للموظفين، مثل المدارس في المناطق الريفية النائية والمناطق المحرومة. وقد تشمل هذه الحوافز بدل المشقة؛ أو توفير مساكن ذات جودة جيدة؛ وتكاليف النقل والتنقل؛ أو تقديم المنح الدراسية لتدريب المعلمين مقابل الالتزام بالخدمة في المدارس التي يصعب تشغيلها للموظفين، أو المنح الدراسية للحصول على مؤهلات أكاديمية عالية بمجرد الالتحاق بالوظيفة.
تشمل الحوافز غير المالية أحكاماً مختلفة تتعلق بالإجازات (ويشمل ذلك إجازة الدراسة)، وفرص التعزيز المحسنة، وإمكانية الوصول إلى أنواع مختلفة من التطوير المهني المستمر، وتوفير الهواتف الذكية، وأجهزة القراءة الإلكترونية أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة المزودة بخدمة الاتصال بشبكة الإنترنت للتطوير المهني المستمر، وتوفير السكن.Footnote 22
· ينبغي أن تكون الحوافز المالية وغير المالية جزءاً من استراتيجيةٍ شاملةٍ (بما في ذلك فرص الترقّي الوظيفي) لجذب المعلمين إلى المدارس التي يصعب تعيين موظفين فيها.
تربط بعض البلدان أو الأنظمة التعليمية حوافز المعلمين بالأداء، في صيغة راتب أو مكافآت إضافية (في الماضي وفي بعض البلدان، يشار إليها غالباً باسم “راتب الاستحقاق”). وقد ترمي هذه الخطط إلى جذب معلمين ذوي جودة عالية واستبقائهم، فضلاً عن تشجيع الحماسة وبذل الجهد لتحسين نتائج التعلم. ونظراً إلى أن البيّنات المتوافرة لا تمكن من استخلاص استنتاجات قاطعة في هذا الشأن (OECD, 2012)، فإنه ينبغي لواضعي السياسات التفكير بعناية في الحجج المؤيدة والمعارضة للخطط المتعلقة بالأداء، وتجارب الأنظمة التي قامت بتنفيذها، وكذلك أهدافها وتصميمها، قبل دمجها في السياسة المعنية بالمعلم.
وقدمت الحجج المؤيدة بيّنات بحثية على أن الحوافز المرتبطة بالأداء فعالة في رفع أداء المعلمين والطلاب. ويستشهد البنك الدولي (2013: 34–35) بعدد من الدراسات في البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط لدعم هذه النتيجة؛ انظر أيضاً (OECD: 2012: 1, 4). ويُنظر إلى ربط التعويض مباشرة بمدى مساهمة المعلمين ونتائج التلاميذ على أنه يقلل تغيب المعلمين ويجعلهم يبذلون جهداً تعليمياً أكبر، وهي مؤشرات يُنظر إليها كعوامل رئيسية في جودة التعلم. ودائماً ما يقاس هذا التقدم من خلال نتائج الاختبارات الموحدة في دراسات المدافعين عن هذه النظرية. ويدعي مؤيدون آخرون عند تطبيق الحوافز المرتبطة بالأداء، ضمن البرامج القائمة على المدرسة، أن ذلك سيعزز من روح العمل الجماعي. وفي البرامج القائمة على المعلم، سيجمع ذلك كلا من المكافآت المهنية (الرضا الوظيفي للمعلم /الرضا عن تحسن مستوى الطلاب) والمكافآت المالية (المزيد من الدخل). وتربط هذه الحجج والأدلة التي يستشهدون بها الحوافز المرتبطة بالأداء بأهداف التعليم الرئيسية.
وتقدم الحجج المعارضة لهذه المخططات بحثاً يشير إلى وجود القليل من البيّنات على التحسينات في التدريس أو التعلم من خلالو الحوافز المرتبطة بالأداء ((ILO, 2012: 166–168) ويستشهد هذا المرجع بدراسات ودراسات حالة من مجموعة من البلدان - معظمها مرتفع الدخل؛ انظر أيضاً (OECD, 2012: 1, 4)). ويجادل المعارضون بأن هناك الكثير من البيّنات على الآثار السلبية، مثل تعزيز التفاوت بين المدارس، مما يجعل من الصعب على المدارس المحرومة جذب المعلمين الذين تحتاجهم. ويميل المعلمون العاملون في مثل هذه الخطط إلى “التدريس للاختبار”، لضمان أداء المتعلمين الجيد في الاختبارات المعيارية، وهو ما يسفر عن تضييق المهارات والمعارف المكتسبة. وقد تفشل مخططات الحوافز المرتبطة بالأداء في مراعاة العوامل التي لا يتحكم فيها المعلمون (مثل الفقر واللغة ومشاركة أولياء الأمور وتأثير المعلمين السابقين) التي تؤثر في جودة التعلم. وإن أي خطة تعتمد على تحديد الأهداف وإدارة الأداء في خطة معقدة وتتطلب الوقت والمهارات والتدريب الذي يمكن أن يثقل كاهل مديري المدارس. فعندما تستند خطط الحفز إلى الأفراد فقط، فإن الحوافز المرتبطة بالأداء ستقوض العمل الجماعي باعتباره عاملاً من عوامل تحقيق التقدم على صعيد التعلم ونجاح المدرسة، وتزعزع حماسة المعلمين على المستوى الفردي نظراً إلى اعتبارها خططاً مجحفة. وتستند هذه الحجج إلى بيّنات تشير إلى أن الحوافز المرتبطة بالأداء تعمل بصورة أساسية ضد أهداف التعليم الرئيسية.
وعندما تُستخدم على نحو متكرر، تشير البيّنات التي جمعت في السنوات الماضية إلى أن الطريقة التي طُبِّقت بها تحدث فرقاً كبيراً في تحقيق أهداف التعليم. والعوامل الرئيسية التي يجب مراعاتها هي طرق تقييم المعلم كونها أساساً للمكافآت؛ وحجم الحوافز واستدامتها المالية بمرور الوقت؛ والعلاقة الوثيقة بين السلوك المتوقع والمكافآت؛ ومستوى الحوافز والمنح، إما للمعلم كفرد أو مجموعة المعلمين أو المدرسة بصفة عامة (انظر (Harris, 2007; Ingvarson et al., 2007; World Bank, 2013))، مستشهداً بمجموعة من الدراسات). ويؤدي نظام الرواتب العام دوراً مهماً، فعلى سبيل المثال، تستخدم الدول الأعضاء المتوسطة الدخل والمرتفعة الدخل في في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي مجموعة متنوعة من خطط الحوافز المرتبطة بالأداء المتميز للمعلم، ويشمل ذلك تحديد موضعها في جدول الرواتب الأساسية والمدفوعات الإضافية والتكميلية. ويكون أداء الطلاب بوجه عام أفضل عندما تكون أنظمة الحوافز المرتبطة بالأداء في مكانها الصحيح، في البلدان ذات رواتب المعلمين المنخفضة نسبياً (أقل من 15% من الناتج المحلي الإجمالي للفرد) وأقل في البلدان ذات رواتب المعلمين الجيدة نسبياً (أكثر من 15% فوق الناتج المحلي الإجمالي للفرد) (OECD, 2012: 2–3).
ووفقاً لسياسة إدارة الموارد البشرية ينبغي لخطة الحوافز المرتبطة بالأداء في السياسة المعنية بالمعلم الإجابة عن الأسئلة الآتية:
وتشمل المبادئ الإدارية التي يجب اتباعها لضمان خطة ناجحة للحوافز المرتبطة بالأداء الإنصاف والشفافية في التطبيق، والمعايير المتنوعة والملائمة، والتواصل الجيد، وفهم المعلم للنظام المتبع، وتقديم الدعم المهني للمعلمين الذين لا يفي أداؤهم بالمعايير، حتى الوصول إلى وضع يكون فيه تقديم الدعم بلا فائدة (انظر أيضاً القسم 3.9).
وإجمالاً، عندما تشير احتياجات التدريس والتعلم، والقدرة الإدارية والموارد المتاحة إلى أن الحوافز المرتبطة بالأداء يمكن أن تكون مفيدة ومتوفرة، قد يرغب واضعو السياسات في النظر في القضايا التالية ((ILO,2012: 166)، العديد من آراء المتخصصين في مسألة الحوافز):
وهنالك اعتبار حاسم أخير ينبغي مراعاته في كل الأعمال المتعلقة بالسياسة المعنية بالمعلم وهو تعزيز القبول والتعاون، ولضمان نجاح أي خطة للحوافز المرتبطة بالأداء، يجب إشراك المعلمين ونقاباتهم / ممثليهم في تصميمها وتطبيقها من خلال الحوار الاجتماعي. وتفشل العديد من المخططات إن لم يكن معظمها، في حال اختيارها تجاهل هذا المبدأ (ILO/ UNESCO, 1966: Art. 124).
في محاولة لفهم وتحديد ما يجعل المعلم جيداً وتعزيز كفاءته واحترافيته المهنية، وبهدف عام هو تحسين جودة التدريس ونتائج المتعلم، يقوم عدد متزايد من البلدان بإعداد معايير مهنية للمعلمين (يشار إليها فيما يلي بالمعايير). وبينما توجد مفاهيم مختلفة «للمعايير»، يعرّف هذا الدليل المعايير على أنها التوقعات المتعلقة بمعارف المعلم وكفاءاته وسماته والمستوى المرغوب للأداء (معايير الأداء). ومن المتفق عليه بوجه عام أن على المعايير أن تصف على نحو واضح ودقيق ما يمثل تدريساً جيداً في سياق معين، وما الذي يحتاج المعلمون إلى معرفته، والقدرة على القيام به لتنفيذ هذا التدريس الجيد.
ويخدم وضع المعايير للمعلمين أغراضاً متعددة:
معظم وثائق المعايير الحالية عامة من حيث إنها مشتركة بين المعلمين في معظم المستويات والمواضيع - مع بعض الاستثناءات البارزة كما في شيلي، التي وضعت معايير محددة لمعلمي المرحلة الابتدائية وللمعلمين المتخصصين في المدارس الثانوية (Ingvarson, 2012).
وتحدد بعض أطر المعايير من اثنين إلى أربعة مستويات تحصيل مختلفة، بناءً على الكفاءات الأساسية والمراحل المهنية للمعلم. وتتضمن هذه المستويات معايير الالتحاق المؤقت (حديثو التخرج، ومستوى الالتحاق، والمعلمون المبتدئون)، والدائم (المعلم المؤهل)، والمعلم الرائد (ذو الخبرة) والمعلم القائد (المميز). وعادةً ما تحتوي أطر المعايير على عدة مستويات، ومن العبارات العامة إلى العبارات المحددة (انظر الجدول 3.1). ومع ذلك، لا تحتوي أطر المعايير على جميع المستويات، وقد تختلف أيضاً في مسائل تفصيلية.
المستوى الأول | المبادئ التوجيهية لجودة التعلم وعمل المعلمين |
المستوى الثاني | المجالات تنظيم فئات لمعايير التدريس |
المستوى الثالث | المعايير وصف لما يجب أن يعرفه المعلمون وقدرتهم على القيام به في كل مجال |
المستوى الرابع | التفاصيل ما تعنيه المعايير في مجالات تدريس معينة |
تحتوي العديد من أطر المعايير على بيانات رؤية تصف التدريس الجيد تبعاً للسياق. على سبيل المثال، تتضمن معايير التدريس النموذجية الأساسية (InTASC، الولايات المتحدة الأمريكية) وصفاً بشأن “رؤية جديدة للتدريس من أجل تحسين تحصيل الطلاب” (Council of Chief State School Officers, 2011).
تنظم العديد من الدول أطر معاييرها في العديد من المجالات، كما هو موضح في الجدول 3.2.
الدولة | المجال الأول | المجال الثاني | المجال الثالث | المجال الرابع |
---|---|---|---|---|
أستراليا | المعارف المهنية | الممارسة المهنية | المشاركة المهنية | |
اسكتلندا (المملكة المتحدة) | القيم المهنية والالتزام الشخصي | الفهم والمعارف المهنية | المهارات والقدرات المهنية | |
سنغافورة | الممارسة المهنية | الإدارة والقيادة | فعالية الأفراد الشخصية | |
الولايات المتحدة (InTASC) | المتعلم والتعلم | المحتوى المعرفي | الممارسة التعليمية | المسؤولية المهنية |
كيبيك (كندا) | الأسس والقواعد | نشاط التدريس | الهوية المهنية | السياق الاجتماعي والتربوي |
إطار عمل دانيلسون للتدريس Footnote 23 | التخطيط والإعداد | بيئة الفصول الدراسية | التوجيه والإرشاد | المسؤوليات المهنية |
يُعبَّر عن المعايير بوجه عام إما في عبارات واضحة وموجزة أو في مجموعات من العناوين القصيرة مصحوبة بأوصافها. وعادة ما تعنى المعايير بجميع الجوانب الأساسية المعنية بعلم المعلم ومعارفه وممارسته التي يقيمها نظام التعليم. وتحتوي معظم أطر المعايير على عناصر متشابهة، مثل المعرفة الضليعة بالموضوع، والمهارات التربوية، والمعرفة بشؤون المتعلمين، ومهارات تخطيط التعليم، وتقييم تعلم الطلاب، وإدارة البيئة التعليمية، والقدرة على مواصلة التطور.
لترجمة معيار ما إلى أداء يمكن ملاحظته وقياسه، يجب توضيح تفاصيل البيانات العامة، بحيث تكون محددة بما يكفي لتفعيلها. ويقدم إطار المعايير القَطَري مثالاً واضحاً على المعايير ومستوى التفاصيل التي توضحها (الشكل 3.1).PDF
قد تضع بعض البلدان معايير لغرض معين، بينما قد تستخدمها دول أخرى كإطار عمل لأغراض متعددة. على سبيل المثال، تصف المعايير المهنية الوطنية للمعلمين في أستراليا المؤهلات الأساسية، جنباً إلى جنب مع مستويات الأداء المحددة لأربع مراحل من المسارات المهنية: الخريج، والمؤهل، والرائد، والقائد (AITSL, 2014).
وفي بعض السياقات، تُستخدم المعايير لتحفيز التعلم المهني للمعلمين وتحسين جودة التدريس. في هذه الحالات، يجب على السلطات التعليمية التفكير بجدية في تحفيز المعلمين ودعمهم للوفاء بالمعايير. إن وضع مسؤوليات إضافية على المعلمين الذين يعانون من عبء العمل الزائد بالفعل بلا تقديم أي دعم من المحتمل ألا يكون له أي تأثير، أو ربما يكون له تأثير عكسي وضار.
ويمكن أن توفر المعايير المحددة جيداً إطاراً منهجياً ومفيداً لتطوير المعلم، ويشمل ذلك التطوير المهني المستمر، فضلاً عن توجيه المعلمين الذين يحتاجون إلى مساعدة إضافية، والتقييم التكويني الذي يوفر الملاحظات والردود للمعلمين، ويعد أداة Footnote 24 والتعلم الذاتي. ويوفر موقع (AITSL) على شبكة الإنترنت مجموعة واسعة من الأدوات والمصادر الداعمة للتعلم المهني للمعلمين.
وعلى البلدان التي تضع معايير معنية بالمعلمين المبتدئين أن تتأكد من أن برامج التدريب والالتحاق والتعليم قبل الخدمة معدة على نحو مهني ولائق. وقد يتطلب هذا الأمر مراجعة نهج إعداد المعلمين. وإذا كان لدى الدولة نظام اعتماد لمؤسسات / برامج تعليم المعلمين أو أي لوائح أخرى، فيجب أن تتماشى معايير التقييم مع معايير الاعتماد. وتوفر معايير التقييم نقطة مرجعية لتحديد معايير اعتماد الأفراد الذين سيلتحقون ببرامج إعداد المعلمين.
ويمكن أيضاً استخدام Footnote 25. التقييم القائمة على الأداء لأغراض الإدارة والمساءلة. هذه الأنواع من التقييم تجعل من المعلمين مسؤولين عن أدائهم، وتتطلب أدوات تقييم جيدة التصميم وقابلة للمقارنة، بالإضافة إلى المقيّمين المدربين والمؤهلين لضمان نزاهة التقييم.
فضلاً عن المعايير المتعلقة بالمعلمين، وضعت بعض البلدان معايير متعلقة بمديري المدارس. الأغراض الرئيسية لوضع مثل هذه المعايير هي:
(CEPPE, 2013).
ومع أن المعايير تختلف اختلافاً كبيراً في هيكلها، فقد وُضعت معايير متعلقة بمديري المدارس على غرار المعايير المتعلقة بالمعلمين، كما هو موضح أعلاه.
يتمثل الأمر الأهم بهذا الشأن في الاتساق بين المعايير المتعلقة بالمعلمين ومديري المدارس وأهداف تعلم الطلاب في نظام التعليم، حيث إن الهدف النهائي لأطر المعايير هو تحسين جودة فرص التعلم للطلاب في المدارس (OECD, 2005).
تعد السياسات والأنظمة المتماسكة التي تدعم باستمرار تطور المعلم طوال جميع المراحل الوظيفية أمراً بالغ الأهمية. وفي غياب استراتيجية واضحة المعالم، قد تكون السياسات المعنية بالمعلمين في المجالات المختلفة ضعيفة الترابط، ومجزأة وغير متسقة، مما يقوض التطور الفعال لمهنة التدريس. ويقترح دارلينج هاموند (DarlingHammond (2012b)) عدة عناصر رئيسية لمثل هذا النهج المنظم:
في الأنظمة الفعالة ، يجب أن تشكل أطر المعايير جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية شاملة لتحسين جودة المعلم.
تعد مشاركة المعلم وتوليه زمام الأمور أمرين ضرورين في وضع المعايير. فالمعلمون مسؤولون في نهاية المطاف عن تطبيق المعايير في ممارساتهم، والاستثمار في تطويرهم المهني الخاص بما يتماشى مع هذه المعايير (Asia Society, 2013; Hayes, 2006; OECD, 2013b). وتماماً مثل العديد من الهيئات المهنية في المهن الأخرى - مثل الطب والهندسة والقانون – التي تتحمل مسؤولية تحديد المعايير العالية والحفاظ عليها، يجب على المجالس التعليمية أن توفر مساحة تشاركية في وضع المعايير المهنية وضمان الجودة.
تتطلب المعايير تقييمها وإجراء البحوث بشأنها باستمرار. وتتمثل بعض الأسئلة الشائعة فيما إذا كانت المعايير تحدد بالفعل المعلمين الجيدين، وما إذا كانت قابلة للتطبيق على مستويات مختلفة (Darling-Hammond, 2001). ويشير تنامي المعارف والخبرة بشأن المعلمين والتدريس، والدور المتغير للمعلمين في سياقات مختلفة، إلى ضرورة إبقاء المعايير قيد المراجعة المستمرة.
يجب على السلطات التعليمية أن تتوخى الحذر من استخدام المعايير كأداة لتحجيم مهنة التدريس وقصرها على تلك التي يمكن تدقيقها وقياسها. وألا تتعارض المعايير مع استخدام النهوج المتنوعة، أو تبسيط تعقيدات الممارسة، أو تجاهل الجوانب الاجتماعية والسياقية العميقة للتعليم (Darling-Hammond, 2001). فعند استخدام المعايير بوصفها إجراءً “إدارياً” من الأعلى إلى الأسفل، بدلاً من كونها أداة تابعة في الأساس لمهنة التدريس، فهذا يقيد ممارسات التدريس ويؤدي إلى الامتثال الصوري فقط، بدلاً من التغييرات التربوية الهادفة.
يجب أن تتوافق المعايير الوطنية وأنظمة التقييم مع سياق الحوكمة الخاص بالبلد. ففي البلدان التي تسمح فيها أنظمة التعليم اللامركزية بقدر أكبر من الاستقلال للمدارس والمعلمين، قد يكون من غير المفيد إدخال المعايير الوطنية وأنظمة التقييم القائمة على المعايير المستهدفة. على سبيل المثال، لا يوجد في فنلندا معايير وطنية أو نظام لتقييم المعلمين. بدلاً من ذلك، يُنظر إلى المديرين على أنهم قادة في إدارة الجودة؛ ويجري المديرون والمعلمون “محادثات تطوير” سنوية، ولدى معظم المعلمين خطط تطوير فردية تتماشى مع خطة تطوير المدرسة. ومن ناحية أخرى، لدى بعض البلدان معايير وطنية، ولكنها تتضمن مرونة كبيرة في مراحل التنفيذ. وتحتاج البلدان إلى النظر في أفضل توازن بين التوجيه المركزي والمرونة المحلية لتناسب السياق الوطني، وضمان الاتساق والمساءلة (OECD, 2013b).
إن مبدأ مساءلة المعلمين عن أدائهم وجودة تعليمهم هو كلمة السر لضمان مكانة عالية لمهنة التدريس وتعزيز التعلم. والمبدأ الآخر المقابل له هو أن أنظمة التعليم مسؤولة أمام المعلمين، من حيث توفير الدعم الفعال وظروف العمل اللائقة. وهذه نقطة مهمة، حيث لا يسيطر المعلمون على العديد من العوامل التي تؤثر في أدائهم وأداء طلابهم. ولذلك يجب أن تؤكد السياسة المعنية بالمعلم مبدأ المساءلة، وأن يكون هذا الأمر جزءاً من سياسة أوسع لتحسين جودة التدريس والتعليم. ومن الضروري ألا تُترجم الدعوات العامة والسياسية لمساءلة المعلمين إلى إلقاء اللوم على المعلمين في جميع المشاكل في نظام التعليم.
من الممارسات الجيدة المعنية بالمعلمين - كما هو الحال بالنسبة لجميع الموظفين - الخضوع لتقييم منتظم لتقييم أدائهم وملاحظة تطورهم المهني. ويمكن استخدام التقييم لقياس تطور المعلمين الأفراد تبعاً لخطة التطوير المهني الخاصة بهم. وأن يكون التقويم – خاصة التقييم الوظيفي - مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتطوير المهني المستمر (OECD, 2013c; also see Section 3.2 above). وكما ذكر أعلاه، من المرجح أن تستند عمليات التقييم القائمة على الأداء إلى أطر المعايير. وأن يكون تقييم المدرس تكوينياً، ويركز على تحسين الممارسة المهنية؛ ويرتبط بالتقييم والاستراتيجية والأهداف على مستوى المدرسة؛ ويستند إلى معايير شاملة، تشمل جوانب محددة في السياق المدرسي.
وينبغي لأهداف التقييم أن تكون واضحة ومشتركة بين جميع المعنيين؛ وعلى وجه الخصوص، أن يكون التقييم شفافاً ومنصفاً، وأن يوازن بين الحاجة إلى التطوير وعملية تقديم الملاحظات والردود الإيجابية. فضلاً عن ذلك ذلك، ينبغي توضيح ما إذا كان استخدام التقييم من أجل المساءلة أو التطوير، أو ربما كليهما. ومع ذلك، فإن الجمع بين الأمرين قد ينطوي على بعض المخاطر، كأن يؤدي إلى إخفاء المعلمين نقاط ضعفهم، بدلاً من استخدام التقييم فرصةً لمناقشة استراتيجيات للتغلب عليها.
ويرتبط التقييم الوظيفي بتقييم أداء المعلم المتدني / الضعيف الأداء. وفيما يتعلق بالأداء الضعيف المرتبط بالتدريس، تطبق المبادئ المتعلقة بتقييم الأداء نفسها - الإنصاف والشفافية. ومع ذلك، ينبغي استخدام المسار القانوني لتقييم الأداء إجراءً أخيراً. وذلك بأن تحدد معايير تقييم الأداء الجيد، المتجذرة في ثقافة التطوير المستمر والممارسة التفكيرية، نقاط الضعف في مرحلة مبكرة وتضع التدابير اللازمة لتحسينها. وعندما تفشل هذه الإجراءات، ينبغي اتخاذ إجراءات أكثر صرامة كاستبعاد المعلمين ذوي الأداء الضعيف.
ويوفر مجلس التعليم العام لإطار العمل الاسكتلندي (2012)، المتضمن دعماً للمعلمين ذوي الأداء الضعيف بوصفه عنصراً رئيسياً في استراتيجية التطوير، ملخصاً مفيداً لتجربته في التعامل مع ضعف الأداء (الشكل 3.2).(PDF)
كما نوقش في القسم 3.7.5 أعلاه، قد يُربط تقييم الأداء بالحوافز، بصيعة مكافآت مالية أو غير مالية، مثل الانتفاع بالتطوير المهني أو الإجازة الدراسية. وعندما تستخدم الحوافز المرتبطة بالأداء، يجب أن تكون معايير إدارتها منصفة وشفافة وتمتاز بالمصداقية، وأن يكون الأفراد المسؤولون عن تطبيقها مدربين تدريباً جيداً وقادرين على استخدامها على نحو متسق ومنصف، فعمليات تقييم الأداء التي تدار على نحو ضعيف وغير منصف بناءً على معايير ذاتية أو مجاملة أو محاباة، تعد مصدراً رئيسياً للإحباط وتثبط من عزيمة المعلمين. وعندما يتبين أن أداء المعلمين لا يفي بالمعايير، يجب إعطاؤهم ملاحظات واضحة وبناءة توضح جوانب الأداء التي يحتاجون إلى تحسينها، وكيفية القيام بها، وتوفير الدعم لهم.
يمكن اضطلاع زملاء مؤهلين بالرصد والتقييم المنتظمين للتدريس دعم المعلمين في استخدام الأساليب والممارسات المناسبة وتعزيز تطورهم المهني، ومن ثم، الإسهام في جودة التدريس بوجه عام. ويجب أن يتضمن تقييم المعلم دعم المعلمين لتحديد ما إذا كان الطالب يحقق نتائج التعلم المطلوبة، وتنفيذ الإجراءات العلاجية المناسبة عند الضرورة. وفي العديد من البلدان، يضطلع المفتشون بعمليات تقييم المعلمين، أو يجريها أعضاء إدارات التفتيش المتخصصة الملحقة بسلطات التعليم الإقليمية، أو تُجرى تحت رعاية إدارات أو وزارات التعليم الوطنية. ونظراً إلى أن هؤلاء المفتشين الخارجيين قد يخشاهم المعلمون ولا يثقون بهم، فإن زياراتهم يمكن أن تعطل الروتين المدرسي وتكون مصدراً رئيسياً لقلق المعلم وتوتره. فعندما يُستعان بالمفتشين الخارجيين، يتوجب تعيينهم وفقاً لأطر عمل كفؤة وجيدة التصميم، مما يضمن توفر المعرفة والسمات والكفاءات لديهم لتقييم ودعم المعلمين. فضلاً عن ذلك، ينبغي أن يستخدم المفتشون أطر التقييم الشاملة والواضحة بطريقة متسقة وموضوعية ومنصفة. وأن يتلقوا التدريب، ولا سيما فيما يتعلق بالإنصاف وعدم التمييز وتجنب التحيز. وأن تكون عمليات التفتيش بناءة وغير عقابية، مع التركيز على توفير ملاحظات تقويمية للاستفادة منها في التحسن المستمر. .Footnote 26
وبات يتنامى التوجه المتمثل في الابتعاد عن عمليات التفتيش الخارجية نحو نظم تقييم المعلمين التي يضطلع بها الزملاء والتي تنطوي على قدر أكبر من المرونة وتجرى في المدرسة (ILO, 2012: 94). يمكن للمدرسين الزملاء والقادة وهيئات إدارة المدرسة والمجالس المدرسية، أو مجالس أولياء الأمور والمتعلمين أن يؤدوا جميعاً دوراً محورياً في تقييم المعلمين، الذي يمكن أن يشمل أيضاً التقييم الذاتي. ولدى استخدام هذه الأساليب، يجب أن يتلقى المسؤولون عن تقييم المعلمين التدريب المناسب لإجراء تقييم متسق وموضوعي ومنصف وبناء.
ويجب أن تنص السياسة المعنية بالمعلم على تقييم أداء قادة المدارس، وتحديد وتيرة التقييم وطريقته، ووضع معايير تقييم واضحة وشفافة. وينبغي لأنظمة تقييم قادة المدارس جمع التعليقات بشأن أدائهم من المعلمين والأفراد الآخرين تحت إدارتهم، وكذلك من مديريهم. ومواءمة معايير التقييم ودمجها مع السياسة المعنية بالتعليم والأولويات الوطنية؛ التي قد تتضمن معايير مثل نتائج تعلم الطلاب ورعايتهم؛ والإدارة والإشراف على المعلمين؛ والرضا الوظيفي للمعلمين واستبقائهم. وأن تُدمج أنظمة التقييم والتقييم الوظيفي مع التطوير المهني المستمر والفرص الأخرى للتطوير الوظيفي. وتدريب الأشخاص المسؤولين عن تقييم أداء قادة المدارس على نحو سليم. ويجب ألا تصبح عملية التقييم “ممارسة شكلية وصورية، بل أن تكون متميزة بما يكفي لفهم أنماط السلوك الأساسية التي نشأت نتيجة للإدارة الفعالة” (ILO, 2012: 45).
حُدِّدت الحوكمة المدرسية بوصفها عاملاً حاسماً في تحفيز المعلمين (رفع معنويات المعلمين والأداء ومعدلات الاستبقاء) وأداء المتعلم ونتائج التعليم (Hightower et al., 2011; UNESCO, 2014a). ومن الأمثلة على عواقب ضعف الحوكمة المدرسية التي تؤثر سلباً في المتعلمين: تغيّب المعلمين وعدم الالتزام بأوقات العمل؛ واتجاه المعلمين للدروس الخاصة غير الخاضعة للرقابة كبديل لتنفيذ واجباتهم التعليمية الأساسية، أو لرفع دخلهم؛ والعنف الجنساني وسائر أنماط السلوك غير المهنية. ويعزز تقرير الرصد العالمي للتعليم للجميع (2013/14 EFA) التكامل بين الحوكمة المدرسية والجوانب المتعلقة بإدارة المعلمين المعروضة في هذا الفصل من خلال تحديد أربع استراتيجيات لتطوير الحوكمة: جذب أفضل المعلمين؛ وتطوير تعليم المعلمين حتى يتمكن جميع الأطفال من التعلم؛ وتوظيف المعلمين في المناطق ذات الحاجة الماسة إليهم؛ وتقديم الحوافز لاستبقاء أفضل المعلمين (UNESCO, 2014a: 266). وتشمل الجوانب الرئيسية الأخرى لتعزيز الحوكمة التدريب على القيادة المدرسية، وتحمل سائر الجهات المعنية مسؤولية القيام بأدوارها بفعالية، وضمان أن كل من أسهم في إنشاء البيئة المدرسية المادية والثقافية والحفاظ عليها يدرك الوظيفة الرئيسية التي يؤديها هذا الدور في تعزيز جودة التدريس والتعلم.
إن دور القيادة في نجاح المدارس وتعزيز حوكمة المعلمين موثق جيداً (انظر، على سبيل المثال، Pont, Nusche, and (Moorman, 2008; Hightower et al., 2011; (UNESCO,2014a). وعلى الرغم من الوعي المتزايد بالحاجة إلى توظيف وتدريب فعالين لقادة المدارس أو مديريها (انظر القسمين 3.1 و 3.2)، لا تزال العديد من البلدان مفتقرة إلى استراتيجيات واضحة لاختيار قادة المدارس وإعدادهم، الذين عادةً ما يكونوا من هيئة التدريس ويصلون إلى هذه المناصب من خلال الترقية ويتوقع منهم إدارة المدرسة ومواردها، المادية والبشرية على حد سواء، مع القليل من الإعداد والتدريب، إن لم يكن الضعيف.
وكما هو موضح في القسم 3.2، فإن قادة المدارس هم المسؤولون في نهاية المطاف عن التعليم الذي يتلقاه المتعلمون داخل المدرسة، سواء أكان مباشراً في الفصل الدراسي أو على نحو غير مباشر في المناطق المجتمعية للتجمعات المدرسية وأماكن الترفيه. كما أنهم مسؤولون عن إدارة أعضاء هيئة التدريس ودعمهم، ويشمل ذلك مراقبة حضور المعلمين والتزامهم بالمواعيد، وكذلك البيئة المادية والمعنوية للمدرسة وباقي المنظومة المدرسية. وتشمل أدوار قادة المدارس ومسؤولياتهم الإرشاد والدعم وتوجيه المعلمين والمتعلمين؛ والتفاعل والتواصل مع أولياء الأمور والأوصياء؛ وإدارة الشؤون المالية وغيرها من الوظائف الإدارية؛ وتحديد أسلوب وثقافة وروح المدرسة. وبناء على ما تقدم، يجب أن تمكّن السياسة المعنية بالمعلم قادة المدارس من أداء هذا الدور الحاسم، مع أحكام من أجل: تحديد قادة المدارس الموهوبين المتحمسين وتوظيفهم واستبقائهم (انظر القسم 3.1.6)؛ وضمان توفير التدريب الأولي المناسب، والتطوير المهني المستمر (انظر القسم 3.2.10)؛ وإجراء عمليات تقييم منتظمة لأدائهم مع تقديم التوصيات بصورة دورية (انظر القسم 3.8.4).
يؤدي العديد من المجموعات وسائر الجهات المعنية دوراً مهماً في الحوكمة المدرسية. وتشمل أولياء الأمور؛ وقادة المدارس؛ وجمعيات أولياء الأمور- المعلمون؛ وأفراد المجتمع والقادة؛ ومسؤولو التعليم المحليون؛ وأعضاء هيئة التدريس؛ والعاملون غير المدرسين، مثل المديرين ومقدمي الرعاية أو عمال النظافة، وموظفي الصيانة والبستانيين. وكل شخص يعمل في المدرسة بانتظام أو يأتي إلى المدرسة - المثال، أي متطوع يساعد في الأنشطة المدرسية، مثل الرياضة أو الوجبات المدرسية - كل له دور يؤديه في تعزيز ثقافة المدرسة وروحها. ويجب على جميع هؤلاء الأفراد التأكد من توافق سلوكهم مع أعلى المعايير، وأن يكونوا قدوة حسنة للمتعلمين، وأن لا يضروا المتعلمين أو المعلمين أو الموظفين الآخرين بأي حال من الأحوال. ويعد مدير المدرسة ونائبه مسؤولين عن توصيل وتطبيق هذه القواعد والمعايير؛ وأن يدعمهم الأعضاء في ذلك، وخاصة رئيس مجلس إدارة المدرسة أو الهيئة الإدارية.
إن القيادة المدرسية، بالشراكة مع سائر الجهات المعنية، مسؤولة عن إنشاء بيئة مدرسية آمنة وملائمة للغرض المنشأة من أجله وقادرة على تعزيز جودة التعليم، وهي مسؤولة أيضاً عن المحافظة على هذه البيئة. وتشمل البيئة المدرسية كلاً من البيئة المادية والثقافية.
تشمل إنشاء بيئة مدرسية فعالة والحفاظ عليها وإدارة وصيانة البنية التحتية وأثاث المدرسة، وضمان المحافظة على نظافة المدرسة، وأن تكون خالية من القمامة والتلوث والمخاطر. على سبيل المثال، أن تكون المراحيض آمنة، مع توفير المياه النظيفة والمناديل لغسل اليدين، بحيث يمكن للمتعلمين (وخاصة الفتيات) استخدامها بثقة وبلا تردد. ويشتمل إنشاء بيئة مواتية للتدريس والتعلم وإدارتها على أن تكون المدرسة خالية من الضوضاء المفرطة، وممتعة جمالياً بقدر الإمكان. والمدارس التي تعرض مواهب المتعلمين وأعمالهم الفنية بصورة بارزة، تعطي المتعلمين وأولياء الأمور والزوار رسالة مفادها أن هذا العمل مهم وقيم. فالبيئة المدرسية الفعالة صديقة للمتعلم وللفتيات وللمعلمين، وذلك لتعزيز أداء المتعلمين والمعلمين ورفعه (انظر المناقشة بشأن التفاعل مع بيئة العمل وتحفيز المعلمين وتطوير أدائهم في القسم 3.5). وتقع مسؤولية الحفاظ على مثل هذه البيئة على عاتق جميع من يستخدمونها، ولكنها المسؤولية النهائية لقادة المدارس.
البيئة الثقافية مرتبطة بالبيئة المادية للمدرسة ولها نفس الأهمية. فيجب أن تكون المدرسة مكاناً يعطي للتعلم قيمته الثقافية وأن يشعر المتعلمون والمعلمون بالدعم والتقدير. وأن تكون مشبعة بقيم التسامح والتكافل والإنصاف على جميع المستويات وفي جميع الأنشطة. وتجب حماية أي مجموعة مستضعفة، وتعزيز ثقافة المساواة. ويتطلب إنشاء بيئة ثقافية يتعلم فيها المتعلمون العيش في المجتمع ومعاملة بعضهم البعض ومعلميهم باحترام، قيادة قوية، تقع على عاتق مدير المدرسة.
استعرض هذا الفصل وناقش عدة جوانب مختلفة، ولكنها مترابطة، تدعمها السياسة الشاملة والمتكاملة المعنية بالمعلم. ويوضح الشكل 3.3 بعض القضايا أو المشكلات الرئيسية التي نوقشت في هذا الفصل والتي تسعى السياسة المعنية بالمعلم إلى معالجتها. ويوضح أن وضع السياسات والبرامج الفعالة للمعلمين يعتمد على العلاقة بين المتغيرات الرئيسية في بيئات التعليم وتعليم المعلمين، مع الأخذ بعين الاعتبار السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المستوى الوطني والعالمي.(PDF)
يفحص الفصل التالي عملية تطوير هذه السياسة.
يمكنك الآن إجراء اختبار الفصل الثالث لمحاولة الحصول على شارتك لهذا الفصل.
انتقل الآن إلى الفصل 4 مراحل.