يتناول هذا الفصل بعض القضايا العملية المتعلقة بعملية إعداد السياسة المعنية بالمعلم. ويستند إلى الفصل الثاني، الذي يناقش أطر السياسات المعنية بالمعلم في سياقات مختلفة، والفصل الثالث، الذي يصف الجوانب المختلفة للسياسة المعنية بالمعلم. ويجب قراءته بالاقتران مع الفصل الخامس، الذي يأخذ في الاعتبار الجوانب الرئيسية لتنفيذ السياسات الوطنية المعنية بتعليم المعلمين.
تعد السياسة المعنية بالمعلم جانباً رئيسياً من السياسة العامة. وهي بمثابة أداة لتخصيص الموارد بصورة مباشرة. وهدفها تعزيز جودة المعلم، وعليه تحسين جودة التدريس والتعلم. ولكي تنجح عملية إعداد السياسة يجب التخطيط لها جيداً منذ البداية؛ فهنالك روابط قوية بين وضع السياسة، والتخطيط لتنفيذها، والتنفيذ والموارد. وعادة ما تؤدي وحدات التخطيط في وزارة التعليم دوراً رئيسياً في هذه العملية. فعلى سبيل المثال، لدى وزارة التعليم في سنغافورة قسم تخطيط مهمته “صياغة السياسات المعنية بالتعليم ومراجعتها فضلا ًعن اتخاذ بيانات وزارة التعليم الرئيسية وتحليلها لدعم إدارة التعليم في صنع القرار” (https://www.moe.gov.sg/ about/ org-structure/ pld).
وتعد وزارة التعليم / إدارة التعليم الفاعل الرئيسي في تنظيم عملية إعداد السياسة المعنية بالمعلم. وعند البدء بهذه العملية، يجب على وزارة التعليم توضيح الخطوات والمراحل، والهيئات المعنية المشاركة بها، والإطار الزمني والتكاليف. ومن الاعتبارات المهمة في تطوير أي سياسة معنية بالمعلم التأكد من وجود فريق عمل أو مجموعة تديرها. وفي كثير من الأحيان، تقوم الحكومات بتعيين فريق عمل أو لجنة من موظفي وزارة التعليم، إلى جانب الخبراء، ومنهم الأكاديميون وممثلو المنظمات الشريكة، مثل نقابات المعلمين والوكالات المانحة، لإدارة العملية وقيادتها. وقد تتضمن مهام اللجنة عقد الاجتماعات، والتكليف بإجراء البحوث في هذا المجال، والإشراف على المشاورات مع الجهات المعنية، وتنظيم عملية تطوير السياسة بوجه عام. إن مثل هذا الفريق أو المجموعة هو المسؤول في نهاية المطاف أمام وزارة التعليم.
ويجب إدراك أن عملية إعداد سياسة معنية بالمعلم غالباً ما تكون مهمة طويلة ومعقدة ومرهقة. فلا يوجد نهج عالمي “معيار واحد يناسب الجميع” لإعداد السياسة، كون عملية الإعداد محددة السياق جداً. وتشير السياسة المعنية بالمعلم (لعام 2013) لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى وتشغيلهم (الأونروا) إلى أنه “لدى وضع أي سياسة ينبغي لها أن تكون متسقة مع السياق”، مع إدراك أن هذه السياسة هي جزء من “الإصلاح التعليمي المتعدد الجوانب” للأونروا الذي تمثل السياسة المعنية بالمعلم جانباً رئيسياً منه. إن نوع السياسة التي سيجري إعدادها - سواء كانت ستتخذ صيغة قانون أو برنامج عمل، أو مجموعة من اللوائح أو المبادئ التوجيهية التنظيمية (الفصل الخامس) - تملي أيضاً النهج الذي يجب اتباعه في عمليات إعداد السياسة، فلكل بلد قواعده وإجراءاته الواجب اتباعها.
يمكن تصور عملية صنع السياسات على أنها عملية من ست مراحل. يصف القسم 4 المراحل الست لتطوير السياسة.
لكل مرحلة ، قم بتدوين الأنشطة الرئيسية ذات الصلة. فكر في السياق الخاص بك وفكر في العمليات التي يمكن تحسينها.
يجمع هذا القسم العديد من النماذج المختلفة لتوفير إطار لعملية إعداد السياسة. ويمثل النموذج أدناه أداة تحليلية لمساعدة واضعي السياسات في تحديد العناصر الرئيسية في صياغة السياسة. ومع ذلك، ينبغي إدراك أن صياغة السياسات وتنفيذها نادراً ما تكون ممارسة تقنية - منطقية. إنها بالأحرى عملية سياسية متأصلة. ويتأثر وضع السياسة في حد ذاته بالنزاعات الاجتماعية والصراعات، وكذلك المقايضات بين الأولويات المتنافسة والأهداف. وتنطوي على تنافس بين القوى والحركات الاجتماعية في جميع مراحل عمليات وضع السياسة، من وضع جدول الأعمال إلى الصياغة والاعتماد والتنفيذ. ونعني بذلك أن الحركات الشعبية يمكن أن تؤدي دوراً في صياغة السياسة ومخرجاتها، ويمكنها تعديل السياسة المعنية بالمعلم كما وردت في النصوص الرسميةFootnote 28
وإن الجدل حول ما يمثل أطر السياسة، ثم ما يجب تضمينه في أي سياسة معنية بالمعلم، يعبّر عن وجهات نظر مختلفة بشأن ما هو مرغوب وما هو ممكن. ولاحظ ريزفي ولينغارد (Rizvi and Lingard) أن القيم أساسية لوضع السياسات. فالسياسة تعبّر في قالب نص أو مستند عن قيم معينة وهي “القيم الرسمية المتعارف عليها” (Rizvi and Lingard, 2010). وكممارسة محملة بالقيم، يعد إعداد السياسة عملية معيارية تحظى فيها بعض الأصوات بالامتياز والاستماع لها، بينما تُهمش أصوات أخرى، مما يعبّر عن فارق القوى في المجتمع. لذلك يبدأ هذا القسم بمناقشة مشاركة الجهات المعنية بوجه عام، وإشراك المعلمين بوجه خاص. والتشاور والمشاركة الجادة لجميع الجهات المعنية، ولا سيما أولئك المهمشين، أمر حاسم لجميع جوانب عملية وضع السياسة، ولا سيما خلال مرحلة وضع جدول الأعمال.
ونستدل مما سبق مناقشته بأن عملية وضع السياسة ليست بالعملية البسيطة والمباشرة. ولذلك ينبغي فهم نهج دورة حياة السياسة المقترحة أدناه على أنها أداة تحليلية لمساعدة الوزارات في صياغة السياسات. واستخدام هذا الإطار دليلاً مرنًا يسترشد به لتطوير السياسة المعنية بالمعلم، وليس دليلاً نموذجياً يجب اتباعه خطوة بخطوة. ويجب التأكيد بأن المراحل المقترحة غالباً ما تكون مكررة ومتداخلة، ولا يمكن تمييزها بوضوح كما هو متضمن غالباً. ويعد رسم السياسة العامة، كما ذكر أعلاه, نشاطاً معقداً ومتعدد المراحل ومكرراً، وغالباً ما يجري تنفيذ عدة مبادرات متعلقة بالسياسات بصورة متزامنة (Badat, 2014).
يجب إجراء المشاورات مع مجموعات المصالح طوال عملية وضع السياسة المعنية بالمعلم؛ ومع ذلك، فإن التشاور مع مختلف الجهات المعنية ومجموعات المصالح بعد صياغتها أمر مهم أيضاً.
وتشمل المجموعات التي يجب استشارتها الهيئات الحكومية المحلية (حيثما وجدت)، والوزارات الأخرى ناهيك عن وزارة التعليم، ومنظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية، والوكالات الدولية، وهيئات التعليم الخاص، والمعلمين، وأولياء الأمور والمتعلمين، والمنظمات التي تمثلهم.
وتضمن المشاركة الواسعة والأصوات المتنوعة في عملية وضع السياسة الاستماع لاهتمامات ووجهات نظر مختلف الجهات الفاعلة وأخذها بعين الاعتبار. كما أنه يزيد من احتمال حصول السياسة، بمجرد اكتمالها، على دعم الجمهور وأصحاب المصلحة وموظفي الخطوط الأمامية المتوقع منهم تنفيذها، والممولين والجهات المانحة (UNESCO and UNICEF, 2013). ولعملية التشاور تأثير حاسم في الاستجابة العامة للسياسة بمرحلة تنفيذها، ومن ثم تأثير في نتائجها ومخرجاتها (Adams, 2001; ILO/UNESCO, 2003; Ratteree, 2004; VSO, 2002a; VSO, 2002b; VSO, 2002c).
وينبغي مراعاة القوى والسياقات السياسية عند الدعوة إلى التشاور وتنسيق المشاركة (Lewis and Naidoo, 2004). وأن يضمن التنسيق أن لكل مشارك صوتاً يُحترم ويؤخذ بعين الاعتبار، بغض النظر عن قوته أو تأثيره داخل أو خارج عملية وضع السياسة (ILO/UNESCO, 2003; ILO/UNESCO, 2008; VSO, 2002a; VSO, 2002b; VSO, 2002c). وكما جادل الكثيرون، يجب أن تشمل هذه العملية الشاملة الطلاب أيضاً، مثلما تشمل المعلمين (Flutter and Ruddock, 2004; Morgan, 2011; Pedder and McIntyre, 2006; Ratteree, 2004; Thompson, 2009).
ونادراً ما يكون اختيار خيارات السياسة لتحقيق أهدافها واضحاً تماماً، حيث قد تعالج الاستراتيجيات المختلفة القضية نفسها. ويمكن أن تصبح عملية التشاور مكثفة وتحدث خلافات بشأنها، مما يتطلب التفاوض بين مجموعات المصالح. ومن ثم، تعد عملية التشاور حاسمة في اعتماد خيارات السياسة، ولا سيما عند اقتراح استراتيجيات وعمليات تدخل بديلة لمعالجة المشكلات والقضايا المحددة. والكل يعلم بأن الحوار الاجتماعي والتشاور يتخذ أوجهاً مختلفة في بلدان مختلفة. ففي نيجيريا، تضمّن التشاور إجراء مسح للرأي العام في مناطق مختارة (الإطار 4.1)
تضمنت عملية تطوير السياسة المعنية بالمعلم تعاون فرق عمل اللجنة الوطنية لأساليب التدريس وممارساته مع اليونسكو والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال مشروع «ENHANSE» (تمكين القطاع الاجتماعي من التعامل مع فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز والسل). و تمحورت أهداف فرق العمل حول تقييم السياسة الحالية المعنية بتعليم المعلمين في نيجيريا، وتحديد المشكلات وتحليلها والتأكد منها، وتقديم توصيات للحكومة والجهات المعنية بمجال التعليم لوضع سياسة وطنية شاملة. وتضمنت العملية مجموعة واسعة من الجهات المعنية المشاركة بنشاط في تحديد المشكلات.
وتضمنت عملية إعداد السياسات اجتماعات ومشاورات في ست ولايات في البلد، باستخدام الاستبيانات ورصد واقع الفصول الدراسية، وإجراء المقابلات وعقد المناقشات. وكانت النتيجة تحديد العديد من خيارات السياسة، ويشمل ذلك: وجوب التطوير المهني الإلزامي للمعلم، وإعادة العمل بنظام اعتماد المعلم وترخيصه المهني، وعمل مدونة لقواعد السلوك المعنية بالمعلمين، وتوافر الحد الأدنى من المؤهلات والخبرة العملية للمعلمين، ووضع متطلبات جديدة لتعيين مفتشي المدارس، ومأسسة الإشراف المنتظم على المدارس.
وكما لوحظ في الفصل الثاني، فإن إشراك نقابات المعلمين في إصلاح التعليم ليس حقاً فقط، ولكنه ضروري أيضاً للتنفيذ الناجح. وإن مشاركة المعلمين في التعليم وفي إعداد السياسة المعنية بالمعلم هي أكثر من مجرد تشاور بسيط؛ فيجب إشراك المعلمين مشاركة جوهرية في تحديد التغييرات اللازمة وتطبيقها لتحسين جودة التعليم (مرحلة التنفيذ)، وإدراك أن المعلمين مهنيون محترفون. وفي هذا الصدد، تؤدي نقابات المعلمين دوراً حاسماً في التأثير في السياسات واستقلالها. ويتضمن استعراض مشاركة نقابات المعلمين في التعليم في أمريكا اللاتينية (Gindin and Finger, 2013) عدة أمثلة لكيفية إسهام نقابات المعلمين في تعزيز الجودة والإنصاف. ويسلط المؤلفون الضوء على حالة بوليفيا (دولة متعددة القوميات)، حيث أدّت نقابة المعلمين، واتحاد معلمي التعليم الريفي في بوليفيا، دوراً رئيسياً في الدعوة إلى تعليم لغة السكان الأصليين لمجموعات السكان الأصليين غير المتحدثين بها (Gindin and Finger 2013:17–20). ويشيرون إلى أن النقابة كانت من المدافعين المهمين عن حقوق تعليم السكان الأصليين في بوليفيا، مما يضمن أن هذه الحقوق مكرسة دستورياً.
إن نقطة البداية في أي عملية لإعداد سياسة معنية بالمعلم هي وضع جدول الأعمال الذي يتضمن تحديد القضايا أو المشكلات وتوضيحها، والاتفاق على تلك التي تتطلب مزيداً من اهتمام الحكومة.
وقد تنبثق أجندة السياسة المعنية بالمعلم من مصادر أخرى إلى جانب الحكومة، مثل الرأي العام والوكالات الدولية ونقابات المعلمين. وأيا كان المصدر، تؤدي الحكومة دوراً حاسماً في تناول جدول الأعمال والتصرف فيه. وتعبّر عملية وضع جدول الأعمال للسياسة المعنية بالمعلم عن علاقات القوى - خاصة فيما يتعلق بأسئلة مثل “من يمكنه التحدث ومتى وبأي سلطة” (Ball, 1990: 17). وتمتلك العديد من الجهات الفاعلة والجهات المعنية مواقع قوى مختلفة في المجتمع تفرضها على عملية وضع السياسة. ولذلك، من المهم الانتباه إلى الطريقة التي يتعامل بها مع قضية معنية بالسياسة - ومن هي الجهة التي تحددها وتؤطرها؛ فديناميكيات القوى تؤثر في كامل عملية إعداد السياسة المعنية بالمعلم، من الطريقة التي يوضع بها جدول الأعمال المقترح والتعامل معه، إلى الجوانب التي ستصبح سياسات في النهاية.
ويستعرض القسم 4.2 أدوار الهيئات المعنية ومسؤولياتها في تصميم السياسة الوطنية المعنية بالمعلم وصياغتها والتحقق من فعاليتها.
بمجرد تحديد القضايا التي تتطلب اهتمام السياسة بها والموافقة على أجندة السياسة المعنية بالمعلم، فإن المرحلة التالية هي تحديد خيارات الأفكار والسياسة للتشاور اللاحق. وتتطلب هذه المرحلة جمع المعلومات وإجراء البحوث لتحديد خيارات السياسات الممكنة والقابلة للتنفيذ، التي يمكن تضمينها في جدول الأعمال المتفق عليه.
كما ذكر في المرحلة الأولى أعلاه، يجري تحديد خيارات السياسة لتناسب سياقات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية معينة. ولذلك تتطلب تحليل الاحتياجات لفحص الوضع على نحو منهجي، والتوصية بشأن القضايا التي تتطلب اهتماماً فورياً وتحديد سبل معالجتها. وينبغي تحديد تكاليف خيارات السياسة، والنظر في أدوات السياسة - التشريعات أو البرامج أو اللوائح - الأكثر ملاءمة.
ومن الأنشطة المهمة خلال هذه المرحلة تحليل الوضع الشامل للمعلمين في بلد معين، ويشمل ذلك الجوانب التي تؤثر في فعالية المعلمين، والتناقص والنقص. وفيما يتعلق بسياقات ما بعد النزاع وما بعد الكوارث، يجب إيلاء اهتمام خاص للجوانب الرئيسية مثل توظيف المعلمين ونشرهم، فضلاً عن دور المعلمين بوصفهم عناصر لبناء السلام والمصالحة والتأهب للكوارث. ويعد البحث مكوناً رئيسياً في تحليل الموقف، لتحديد الحقائق والتدابير الناجحة.
ويقدم الفصل الثالث دليلاً لبعض هذه الجوانب الرئيسية. ويجب أن يمكّن هذا الجهد، في هذه المرحلة، واضعي السياسات من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التغييرات السياسية المطلوبة لمعالجة قضية محددة. فمن المحتمل أثناء تطوير خيارات السياسة، أن تتغير القضايا التي حدِّدت سابقاً، ثم تحدَّد قضايا جديدة أخرى.
يجب أن توجه مجموعة واضحة من المبادئ والعوامل عملية إعداد السياسة المعنية بالمعلم، التي يجب أن يكون جوهرها الالتزام بجودة التدريس والتعلم (انظر الإطار 4.2 للاطلاع على سياسة الأونروا كمثال). وأن تشمل مجموعة المبادئ والعوامل ما يلي:
إن الهدف من السياسة المعنية بالمعلم هو إضفاء الطابع المهني على قوة التدريس داخل الأونروا لتحسين جودة التدريس والتعلم في المدارس، مع إدراك الدور الرئيسي الذي يؤديه المعلمون في ضمان جودة التعليم. وتسعى السياسة إلى تقديم الدعم للمعلمين على مستوى المدرسة والتطوير المهني المستمر، مع ضمان تنوع فرص العمل وتحفيزها. وتقدم أدواراً جديدة لتسهيل ضمان الجودة في المدرسة والتوجيه والتقييم والتنسيق الشامل للتطوير المهني. وتدرك السياسة المعنية بالمعلم الحاجة أيضاً إلى دعم معزز لمكتب رئيس الوكالة.
وترتكز رؤية السياسة المعنية بالمعلم على تفويض الأونروا لتوفير التعليم المجاني لجميع أطفال اللاجئين الفلسطينيين. وترمي إلى إنشاء قوة تعليمية
"ملتزمة بتقديم أعلى مستويات التعليم بمستويات عالية من الأداء والسلوك المهني لإعداد الأطفال والشباب اللاجئين الفلسطينيين للقرن الحادي والعشرين حيث يمكنهم عيش حياة ذات قيمة ومنتجة ومبدعة وتحقق لهم الاكتفاء، والمساهمة في التنمية الخاصة بهم و بمجتمعهم المحلي والمجتمع الأوسع والعالم".
يجب أن تكون صياغة خيارات واختيارات السياسة متسقة مع تحليل الوضع في البلد والمبادئ المتفق عليها. وغالباً ما تكون مهمة مجموعة محددة من الأشخاص، قد تتكون من فريق عمل أو لجنة أنشأتها الحكومة، أو مسؤولين في وزارة التعليم. وفي بعض الحالات، قد يختار فريق العمل أو وزارة التعليم التعاقد مع خبراء معنيين بالسياسة. وغالباً، تستعين هذه المرحلة بخبراء تعليم المعلمين.
ويجب أن تحدد السياسة الجيدة المعنية بالمعلم رؤيتها الواضحة، والقضية التي يجب معالجتها، وخيارات السياسة الممكنة وحل المشكلات. وأن تشمل أيضاً تكاليف وفوائد كل خيار من خيارات السياسة، فضلاً عن القضايا المعنية بالتنفيذ التي يجب معالجتها لنجاح السياسة.
وبعد إنهاء عملية التشاور، يجب إصدار وثيقة نهائية تحدد خيارات السياسة المتفق عليها.
يتخذ المسؤول أو الهيئة الحكومية المناسبة، مثل الرئيس أو الكونغرس أو الوزير المعني، أو مشرعي الولاية أو مسؤولي الوكالات أو المحكمة، قراراً بشأن السياسة النهائية. وقد تؤدي مداولات هذه الأطراف والهيئات في بعض الأحيان، إلى تغيير السياسة أو تعديلها، وفي حالات استثنائية، رفضها بالكامل. ومع ذلك، ينبغي أن تساعد مرحلة التشاور الموصى بها سابقاً في التخفيف من هذه التداعيات.
وتعتمد عملية الموافقة على السياسة واعتمادها على السياق الوطني. ففي العديد من البلدان - حيث تعد السياسة النهائية بنداً رئيسياً في برنامج الحكومة - يوضع مشروع نهائي لكي يقره البرلمان ويوافق عليه. وفي حالات أخرى، تصبح السياسة وثيقة خاصة بوزارة التعليم، تتطلب موافقة وزير التعليم. فقد تتطلب أي سياسة معتمدة إجراءات حكومية، ويشمل ذلك تخصيص الميزانية، والتغييرات في القواعد القائمة واللوائح الجديدة. وتختلف عملية وإجراءات سن القوانين في كل بلد. ففي جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، تصاغ جميع السياسات الرئيسية المعنية بالتعليم، بصورة مبدئية، بصيغة مشروع - ورقة بيضاء - (وفي بعض الحالات - ورقة خضراء)، وتتبعها بعد ذلك العملية البرلمانية للقراءة والنظر في مشروع القانون وأخيراً سن القانون. ويشرح الإطار 4.3 الإجراءات العامة لسن قانون في جنوب أفريقيا، التي تنطبق أيضاً على اعتماد السياسة المعنية بالمعلم.
البرلمان هو الهيئة التشريعية الوطنية (هيئة سن القوانين) في جنوب أفريقيا. وعلى هذا النحو، فإن إحدى وظائفه الرئيسية هي تمرير القوانين الجديدة، وتعديل القوانين القائمة، وإبطال العمل بالقوانين القديمة وإنهاؤها (إلغاؤها). وتسترشد هذه العملية بدستور البلاد، الذي يحكم ويطبق على جميع القوانين ومدونات السلوك داخل جنوب أفريقيا.
يؤدي كلٌ من مجلسي البرلمان والجمعية الوطنية، ومجلس المقاطعات الوطني دوراً في عملية سن القوانين. ولا يجوز تقديم اقتراح أو مشروع قانون إلى البرلمان إلا لوزير أو نائب وزير أو لجنة برلمانية، أو عضو في البرلمان. وتقدم السلطة التنفيذية زهاء 90% من مشروعات القوانين.
القانون هو نظام من القواعد، يُطبّق عادة من خلال مجموعة من المؤسسات لتنظيم السلوك البشري. ويبلور القانون السياسة والاقتصاد والمجتمع بطرق عديدة. وهنالك أنواع مختلفة من القوانين، كقانون العقود وقانون الملكية وقانون توكيل إدارة الممتلكات والقانون الجنائي والقانون الدستوري والقانون الإداري. ويوفر القانون الدستوري إطاراً لسن القوانين وحماية حقوق الإنسان وانتخاب الممثلين السياسيين. كما يثير القانون قضايا مهمة تتعلق بالمساواة والإنصاف والعدالة.
قد تبدأ عملية إصدار القانون وبوثيقة للمناقشة تسمى الورقة الخضراء التي تصاغ في الوزارة أو الدائرة التي تتعامل مع قضية معينة. وتعطي وثيقة المناقشة هذه فكرة عن الأفكار العامة المتعلقة بسياسة معينة. ثم تنشر لإبداء التعليقات أو الاقتراحات أو الأفكار بشأنها. وهذا يؤدي إلى وضع وثيقة مناقشة أكثر دقة، تُسمى الورقة البيضاء، وهي بيان موسع لسياسة الحكومة. وتضطلع بصياغتها الإدارة المختصة أو فريق العمل المعني، ويمكن للجان البرلمانية المعنية أن تقترح تعديلات عليها أو مقترحات أخرى. وبعد ذلك، تعاد إلى الوزارة المعنية لمزيد من المناقشة وإصدار القرارات النهائية.
اقتراح القانون هو مشروع قانون، تضطلع إدارة حكومية بإعداده في معظم الأحيان، بتوجيه من الوزير أو نائب الوزير المختص. ويجب أن يوافق مجلس الوزراء على اقتراحات القوانين قبل عرضها على البرلمان. وتسمى اقتراحات القوانين التي يقدمها الأعضاء الأفراد بالمقترحات التشريعية لأعضاء البرلمان. ويصبح اقتراح القانون قانوناً عندما يوافق عليه رئيس الدولة في جنوب أفريقيا - أي يوقع على اقتراح القانون. وفي حالة اقتراحات القوانين في الأقاليم، فهي تصبح قوانيناً عندما يعطي الحاكم الإقليمي موافقته عليها.
وقبل دخول القانون الجديد حيز النفاذ، يجب “سنّه”. وتتضمن هذه العملية إعلان رئيس الدولة عن تاريخ دخول القانون حيز النفاذ في الجريدة الرسمية. ولكي يسن القانون بصورة نهائية، يجب على الوزارة / الإدارة المسؤولة أن تشير إلى أنها جاهزة ولديها القدرة المطلوبة على تنفيذ القانون الجديد.
المصدر: مكتب التعليم العام، برلمان جمهورية جنوب أفريقيا 2014, (مقتبس بإذن رسمي).
وتخضع عملية سن القانون للطعن والنزاع بشأنها، وغالباً ما تنطوي على تحديات قانونية. ففي الولايات الفدرالية، على سبيل المثال، قد تتحدى المقاطعات أو الولايات أو المناطق الحكومة المركزية، في حال توليها المسؤولية عن تمويل تنفيذ القانون. ويصف الإطار 4.4 الطعن في قانون حق التعليم المجاني في الهند.
شرعت الحكومة الهندية في اتخاذ إجراءات تشريعية في عام 2002 للتأكد من أن سياستها التعليمية تتماشى مع التحولات العالمية لسياسات التعليم الوطنية، وسعياً منها إلى جعل التعليم المجاني والإلزامي حقاً أساسياً لجميع الأطفال في الهند بين سن 6 سنوات و14 سنة. وتحقيقاً لهذه الغاية، وبناء على التشريعات القائمة في الدستور الهندي، بدأ العمل على القانون المعدل رقم 86 (2002) المادة -21 أ (الجزء الثالث) في كانون الأول / ديسمبر 2002.
وبحلول تشرين الأول / أكتوبر 2003، صيغ المشروع الأول للقانون، مشروع قانون التعليم الإلزامي المجاني للأطفال لعام 2003، وأُتيح للتشاور العام. وتمت دعوة الرأي العام للتعليق واقتراح مجالات التغيير أو التحسين الممكنة.
وفي عام 2004، وبعد أخذ ملاحظات الرأي العام في عين الاعتبار، تم إصدار نسخة منقحة لمشروع القانون بعنوان “قانون التعليم المجاني والإلزامي لعام 2004”. وقد قامت وزارة الموارد البشرية والتنمية ورئيس الوزراء بمراجعته في عام 2005. ولكن رفضت لجنة المالية ولجنة التخطيط مشروع القانون في عام 2006 على أساس عدم كفاية التمويل. ونتيجة لذلك أرسل مشروع قانون إلى الولايات لاتخاذ الترتيبات اللازمة لتمويله وتنفيذه.
وبعد الكثير من الجدل والعديد من الطعون القانونية، مُرِّر مشروع قانون حق الأطفال في التعليم المجاني والإلزامي في عام 2009 في مجلسي النواب والشيوخ. وحصل القانون على موافقة الرئيس في أغسطس 2009. وعٌدِّلت المادة 21 -أ “الحق في التعليم المجاني” ودخل القانون حيز النفاذ في الأول من نيسان / أبريل 2010.
وعلى الرغم من الموافقة عليه، كان القانون خاضعاً للاستئنافات والطعون القانونية، خاصةً لأنه قد طُلب من الولايات تمويل تنفيذ السياسة. وفي عام 2012، أيدت المحكمة العليا موافقة البرلمان، مما جعل التنفيذ مسؤولية قانونية على كل ولاية.
Chapter 5 يبحث الفصل الخامس من هذا الدليل في عملية تنفيذ السياسة المعتمدة على نطاق أوسع. ويناقش هذا القسم قضية التواصل والإعلام والنشر.
ونظراً لمستوى “الدقة” المنوطة بعملية التنفيذ، تسلط عملية التنفيذ الضوء على القدرات الهيكلية الحالية، فضلاً عن القدرة الفعلية للجهات المعنية على تحقيق التغيير المطلوب. وفي بعض الحالات، قد يتطلب ذلك إعادة التفكير في السياسة وتعديل بعض جوانبها.
وينبغي تعزيز التنفيذ الفعال لهذه السياسة من خلال حملات إعلامية جيدة التصميم تستهدف جميع الجهات المعنية، وكذلك المجموعات المهتمة الأخرى (يقدم الإطار 4.5 مثالاً من الأونروا).
ويزيد نشر السياسة من احتمال التنفيذ الناجح، لبنائه على دعم الرأي العام للموافقة على السياسة، وهو أمر حاسم لتحقيق الأهداف المرجوة. فيمكن أن يساعد عرض السياسة من خلال وسائل الإعلام في ضمان فهم الرأي العام لإجراءات وضع السياسة ودعمها.
إن التواصل والعالم والنشر قبل بدء تنفيذ السياسة المعنية بالمعلم أمر ضروري. ويشمل ذلك
يجب أن تتضمن عملية وضع السياسة خطة واضحة للرصد والتقييم للمساعدة في تحديد ما إذا كانت السياسة المنفذة تحقق الأهداف المرجوة. ويمكن أن يؤدي توفير المعلومات الدقيقة في الوقت المناسب إلى تحسين ملاءمة السياسة للسياق وكفاءتها وفعاليتها. وتركز الجهود المبذولة على تحسين استخدام المعلومات لتمكين واضعي السياسات من استخدامها، ولا سيما في أعقاب دعوات البلدان إلى وضع المزيد من “أنظمة الرصد والتقييم” وبقيادتهم (UNICEF, 2009). ويتحتم أن يقيس الرصد والتقييم فعالية السياسة في معالجة القضايا التي حدّدت في الأصل، وتحديد ما إذا كانت السياسة قد أدت إلى التغييرات المطلوبة. وقد تتطلب القضايا التي حدّدت في أثناء الرصد والتقييم إجراء تغييرات في تصميم السياسات. ومع ذلك، ينبغي ألا تكون عملية الرصد والتقييم تلخيصية أو تُجرى بعد انتهاء التنفيذ. بل يجب أن تتضمن التقييم التقويمي والمستمر لتعديل السياسة في أثناء تنفيذها (انظر الفصل الخامس للمزيد من التفاصيل بهذا الشأن Chapter 5). وأن يكون الهدف الرئيسي من الرصد والتقييم الفعال للسياسة المعنية بالمعلم هو تعزيز السياسة وتطويرها؛ وعلى هذا النحو، ينبغي أن تصاغ السياسة في إطار نهج من التطوير المستمر.
إن التحديد الواضح لأدوار مختلف الجهات الفاعلة المشاركة في إعداد السياسة أمر حيوي لعملية إعداد سياسة فعالة (UNESCO and UNICEF, 2013)، ويضمن مراعاة وجهات نظر مختلف الجهات المعنية في النص النهائي للسياسة. ومن ثم، فإن الخطوة الحاسمة في أي عملية إعداد للسياسة المعنية بالمعلم هي تحديد المؤسسات والمنظمات المعنية، ويشمل ذلك وزارات التعليم، ووزارات المالية، والمدارس، والمنظمات التي تمثل المعلمين والطلاب، وجمعيات أولياء الأمور، والمنظمات والوكالات الدولية (OECD, 2005). وتؤدي مختلف الجهات المعنية أدواراً مختلفة في مراحل مختلفة من عملية إعداد السياسة. فعلى سبيل المثال، عادة ما يكون الاعتماد / اتخاذ القرار من اختصاص البرلمانات أو الهيئة التشريعية المعنية في السياقات التي تمر بها السياسة المعنية بالمعلم خلال النظام التشريعي.
ويبيّن الجدول 4.1 بعض الجهات المعنية الرئيسية ويشير إلى أدوارها المحتملة ومشاركتها الإيجابية في دورة وضع السياسة. وكما أشرنا سابقاً، تعد مشاركة جميع الهيئات المعنية في جميع مراحل عملية تطوير السياسة أمراً حاسماً لضمان وضع سياسة فعالة.
الهيئة / المنظمة | الأدوار | تأثير المشاركة في عملية وضع السياسة |
---|---|---|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
يقترح الجدول أعلاه بعض الجهات المعنية الرئيسية والهيئات المعنية التي ينبغي أن تشارك في عملية وضع وصياغة السياسة. ومن الأفضل تحديد قائمة معينة لكل حالة محددة على المستوى الوطني، مع مراعاة السياقين الاجتماعي السياسي والاجتماعي الاقتصادي. وتبنى مشاركة الهيئات المعنية والجهات المعنية على فعالية المشاركة والقدرة على الإضافة. ومن حيث المبدأ، يجب أن يكون للجهات المعنية رأي (كما هو مذكور أعلاه) في جميع جوانب إعداد السياسة، على الرغم من انعدامه خلال عملية التشريع، وذلك (على الرغم من أن الجهات المعنية قد تؤثر في العملية، على سبيل المثال، من خلال مجموعات الضغط على أعضاء البرلمان)، وهو ما يعد في الأساس من اختصاص الناخبين. ومن ناحية أخرى، يعد المعلمون من خلال ممثليهم (مثل النقابات) مكوناً رئيسياً يجب إشراكه في أي عملية لإعداد سياسة معنية بالمعلم.
وتتطلب المشاركة إيجاد مساحات وآليات تسهل الحوار الاجتماعي بين السلطات الحكومية والجهات المعنية، خاصة فيما يتعلق بالمعلمين. وفي ظل نظام ديمقراطي، قد تكون المراحل المختلفة لوضع السياسة وصياغتها عامة نسبياً ومفتوحة ومتاحة للمواطنين، وقد يسهل القانون مشاركة الفاعلين الاجتماعيين في وضع السياسات. ويلاحظ بادات (Badat (2014 أن هذه المشاركة قد تجري بسبل مختلفة، ويشمل ذلك الطلبات الرسمية وغير الرسمية التي يقدمها القائمون على إعداد السياسة لإسداء المشورة إليهم، وإجراء المشاورات مع الهيئات القانونية مثل لجان خدمة المعلمين، وقيام الجهات المعنية بتقديم اقتراحات وبأنشطة الترويج في جلسات الاستماع العامة وغيرها من الأحداث. وكما هو مذكور أعلاه، من المهم إدراك أن الجهات المعنية تملك موارد مختلفة تماماً، وغالباً ما تكون غير متساوية، ويشمل ذلك الخبرة والتمويل للمشاركة في وضع السياسات.
وتتطلب المشاركة الهادفة بناء العلاقات، ضمن ثقافة من الشفافية والانفتاح: لذا يجب أن تلتزم الجهات المعنية والهيئات المعنية المشاركة في وضع السياسات بأعلى مستوى من التواصل الصريح والمفتوح، وأن تكون مستعدة للإصغاء إلى غيرها وتبادل المعلومات.
إن المعلومات أمر حاسم للمشاركة، ويجب أن تلتزم الحكومات بجعل المعلومات متاحة على نطاق واسع. وتضمن الحكومة الوصول المفتوح غير المقيد إلى المعلومات - الذي التزمت به العديد من الدول – لضمان قدرة الجهات المعنية والهيئات المعنية على المشاركة في إعداد السياسة المعنية بالمعلم، واتخاذ خيارات وقرارات مستنيرة.
ويتضمن الإطار 4.6 بعض الأسئلة التي قد تساعد في تحديد أدوار الهيئات المعنية وتنظيم التشاور بشأن السياسة.
يجب دراسة الجوانب المالية للسياسة المعنية بالمعلم في المراحل الأولى من صياغتها. ويعد الفشل في الربط الفعال بين وضع السياسة والموازنة الوطنية أحد الأسباب الرئيسية في التنفيذ غير الفعال للسياسة. فعلى سبيل المثال، قد يؤدي تجاهل النظر إلى الجانب التمويلي لأي سياسة إلى وجود “بنود غير ممولة”.
ولتعزيز العلاقة بين السياسة والتخطيط والموازنة، تعتمد العديد من البلدان على عملية إعداد موازنة متعددة السنوات، غالباً ما تتمثل في إطار إنفاق متوسط الأجل (الإطار 4.7).
تدمج أطر الإنفاق المتوسطة الأجل للقطاعات في الأطر المالية الوطنية المتعددة السنوات، مما يضمن تخصيص الموارد لأولويات السياسة ضمن الميزانية الوطنية وضمن إطار طويل الأجل على نحو معقول. ويمكن أن يكون هذا مهماً، خاصة في البلدان النامية، حيث غالباً ما يخصص معظم الموارد للبرامج الموجودة ويصعب تمويل تنفيذ السياسات الجديدة.
يعتمد تمويل سياسة جديدة على الأولوية المعطاة للقضية والتكاليف ومدى توافر الموارد لتنفيذ السياسة. ويجب تحديد أولويات السياسات الجديدة ضمن خطط قطاع التعليم في الأجلين الطويل والمتوسط بوضوح. فضلاً عن ذلك، يجب وضع ميزانية جديدة بعناية وواقعية للسياسة . وقد تحتاج وزارة التعليم إلى تعزيز قدرتها التقنية على نمذجة السياسة المالية والتكاليف وجمع البيانات المالية (Clarke, 2010). وعند النظر في تكاليف السياسة، يجب تضمينها تكلفة مرحلة التنفيذ (UNESCO, 2007). Footnote 29
ويمكن أن يسهم التخطيط المالي المدروس جيداً للسياسات في إعداد السياسات المستدامة والفعالة المعنية بالمعلم. فقد اعتمدت بعض الدول استراتيجيات مختلفة في تقدير تكاليف السياسات المعنية بالمعلم: في كينيا، على سبيل المثال، تضمنت السياسة تحليلاً للموارد الموجودة ومصادر التمويل الإضافي المحتمل (الإطار 4.8).
ضمِّن العديد من جوانب التكاليف في إعداد السياسة المعنية بالتعليم في كينيا لعام 2005. أولاً، حدِّدت المصادر المحتملة للموارد المتاحة، مثل الوكالات والجهات المانحة المهتمة بالسياسة محل الدراسة. وأبدت مراجعة التعاون الحالي بين الحكومة والمنظمات الأخرى، مثل صناديق التمويل الائتمانية المحلية والمشاريع الممولة من البنك الدولي، تقديراً كبيراً للمشاريع الجارية، وكيف سيؤثر أي تعديل أو تطوير جديد للسياسة في التكاليف في الأجل القصير أو الطويل.
ويعد تحليل هذه العلاقات وتنسيق الموارد الجديدة والمستمرة أمراً حاسماً في إعداد وتنفيذ سياسة فعالة من حيث التكاليف. وعند صياغة السياسة، قدِّرت التكاليف لكل هدف من أهداف السياسة، وشمل ذلك كل عنصر من عناصرها، مثل مخططات الاستبقاء، والموارد البشرية، وإعداد المناهج الدراسية، وما إلى ذلك. وقدِّرت التكاليف طوال فترة العمل المقترحة للسياسة، مع الأخذ بعين بالاعتبار فترة العمل المتوقعة.
وفي جنوب أفريقيا، تضمنت التكلفة أيضاً النظر في المسؤوليات القانونية للجهات المشاركة في تمويل السياسات المعنية بالتعليم (الإطار 4.9).
طوِّر إطار التخطيط الاستراتيجي المتكامل لتعليم وتطوير المعلمين بالتعاون بين قسم التعليم الأساسي ووزارة التعليم العالي والتدريب. وانطوى حساب تكاليف السياسة على جمع المعلومات عن عدة جوانب:
وقدم هذا التحليل الواسع النطاق معلومات عن الموارد المتاحة وأين وكيف يمكن الوصول إليها أو استخدامها.
ويجب النظر في العوائق المحتملة أمام اتباع مثل هذا النهج - مثل الافتقار إلى الشفافية بشأن الموارد المتاحة. ومن ثم، فإن حساب تكاليف السياسة يتضمن تحديد جميع العناصر والأهداف الرئيسية للسياسة المعنية. وجميع الأهداف والإجراءات اللازمة لتحقيقها، يجب حساب تكلفتها بصورة فردية.
يسرد هذا القسم بعض القضايا المهمة التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند صياغة السياسة المعنية بالمعلم، والمرجح أن تُنفّذ بفعالية. فالسياسة الناجحة المعنية بالمعلم واضحة ومحددة في اختياراتها لمواجهة التحديات الرئيسية.
لا يجري إعداد السياسة المعنية بالمعلم بمعزل عن السياسات الأخرى بوجه عام، والسياسات المعنية بالتعليم بوجه خاص. فضلاً عن ذلك، يجب أن تعتمد صياغة أي سياسة جديدة معنية بالمعلم على السياسة الموجودة فعلاً. وعند تقديم السياسة الجديدة، ينبغي إجراء تحليل شامل للبحث في كيفية تأثير السياسة الجديدة في السياسات الحالية وما التغييرات، إن وجدت، التي يجب إجراؤها على السياسة الحالية. وضمان الاتساق والتعاون بين الأقسام / الإدارات المختلفة في وزارة التعليم، وكذلك مع الوزارات الأخرى. وفي بعض الحالات، قد يتطلب ذلك إنشاء هياكل إدارية وهيئات جديدة، مثل لجان خدمات المعلمين، التي تشرف على جوانب مختلفة من إدارة المعلمين، ويشمل ذلك التوظيف والنشر. وفي حال وجود مثل هذه الهياكل الإدارية، يمكن إعادة تحديد أدوارها في ضوء السياسة المعنية بالمعلم - على سبيل المثال، في حال دعوة السياسة إلى اعتماد نظام لا مركزي فيما يتعلق بنشر المعلمين إما على مستوى المقاطعة / الإقليم أو المدرسة.
التخطيط الاستراتيجي المتكامل أمر حاسم لإعداد سياسة فعالة. فالسياسة المعنية بالمعلم جزء لا يتجزأ من سياسات التعليم الأخرى والخطط الاستراتيجية العامة للحكومات.
في جنوب أفريقيا، دعا مؤتمر القمة بشأن تطوير المعلمين في عام 2009 إلى وضع خطة متكاملة لتعليم المعلمين وتطويرهم ثم تنفيذها. وكلفت الحكومة أفرقة العمل وأصدرت إطار عمل للتخطيط الاستراتيجي المتكامل لتعليم المعلمين وتطويرهم في جنوب أفريقيا، الذي يوجه العديد من الإجراءات للفترة ما بين 2011-2015، بناءً على المراجعة الشاملة للقطاع ومواءمتها مع خطته التعليمية للخمس وعشرين سنة القادمة. ولكن حتى في ظل هذه الجهود المنسقة، لا تزال هنالك بعض التناقضات بين خطة التعليم هذه وخطة التنمية الوطنية، مما يعزز الحاجة إلى عملية تخطيط متكاملة (DBE and DHET, 2011).
يعد المعلمون الجهات المعنية الرئيسية بالسياسات المعنية بالمعلم؛ ويعد فهمهم وقبولهم ودعمهم للسياسة المعنية بالمعلم أموراً حيوية لتنفيذها بنجاح. وهذا المفهوم مكرس في توصية 1966، التي تأخذ في الاعتبار إدراج المعلمين ومنظمات المعلمين على نطاق واسع ضمن خطط إعداد السياسة المعنية بالتعليم - وكذلك أرباب العمل والعمال وأولياء الأمور وغيرهم من الجهات المعنية - وهم حجر الزاوية في إعداد السياسة المعنية بالمعلم (ILO/ UNESCO, 1966: Articles 9, 10k). فالمشاركة النشطة للمعلمين في وضع السياسات وتنفيذها، وشعور المعلمين “بتولي زمام الأمور”، ذلك ما يكمن وراء نجاح أي إصلاح (ILO/UNESCO, 2003; OECD, 2005; Yelland and Pont, 2014: 35).
وكما ذكر أعلاه، يمكن للحوار الاجتماعي مع المعلمين أن يتخذ أساليب مختلفة في مراحل مختلفة من مراحل صياغة السياسة وتنفيذها.
ولكي يكون الحوار الاجتماعي فعالاً، يتطلب بعض الشروط (ILO, 2012: 205–206):
وقد تحتوي مختلف أساليب الحوار الاجتماعي المستخدمة لإشراك المعلمين في إجراءات صياغة السياسة على تداخل كبير بين إعداد السياسة وتنفيذها (انظر أيضاً الفصل الخامس). لذلك، من المهم التخطيط لهذه الآثار في عملية الإعداد، على سبيل المثال، من خلال اعتماد سياسة معنية برواتب المعلمين تتوقع مجريات عملية التفاوض - قد تحدد ما إذا كان ستنفذ السياسة وكيفية ذلك. وفي حين أن التشاور الحقيقي قد يكون صعباً ومجرد استهلاك للوقت، إلا أن التشاور الرمزي والإجراءات المتسارعة تعرض التنفيذ الناجح للسياسة للخطر.
عُزِّزت السياسة المستندة إلى البيّنات في العقود القليلة الماضية في مجال دراسات التنمية. ويجب أن يراعي إعداد السياسة البيّنات المتوفرة لتصميم السياسات المعنية بالمعلم مما يؤدي إلى نتائج أفضل. وتعد هذه السياسة مهمة بوجه خاص في البلدان النامية (Sutcliffe and Court, 2005)، ويتطلب تسهيل العمل بها تطوير القدرة البحثية للبلاد، وتعزيز التكامل المنهجي للبحوث والسياسات. وبالمثل، لتسهيل تعزيز استخدام واضعي السياسات للبيّنات، يحتاج الباحثون الأكاديميون إلى تعزيز فهمهم للسياسة للربط بين أبحاث السياسة وكيفية إيصال وشرح البيّنات المهمة بطريقة سلسة وواضحة لواضعي السياسات (Segone, 2008).
ويتطلب إعداد سياسة مستندة إلى البيّنات إدارة البيانات وجمعها لاستخدامها في إعداد السياسة المعنية بالمعلم (والتنفيذ - انظر الفصل الخامس). ويساعد وجود نظام معلومات إدارة التعليم الفعال في إدارة البيانات، سواء كان قاعدة بيانات قائمة بذاتها أو جزءاً من نظام معلومات وزارة التعليم الأكبر. فقد يحتوي نظام معلومات إدارة التعليم على بيانات تتعلق بجميع جوانب التدريس المهمة للسياسة المعنية بالمعلم. وتحدد بعض الشروط فوائد استخدام نظام معلومات وزارة التعليم (أو نظام معلومات إدارة التعليم) للسياسة الفعالة، ويشمل ذلك: موثوقية البيانات واتساقها وتوقيتها المناسب على صعيد مستويات التعليم والحدود الإدارية (الوطنية واللامركزية)؛ والقدرة على التمويل والصيانة والدعم الفني بمرور الوقت؛ ومشاركة المستخدم الأساسي والمهني (لا سيما المعلمون والمديرون / قادة المدارس) في التخطيط والاختبار والتجربة والتنفيذ وتقديم الملاحظات والردود؛ والتدريب وبناء القدرات (ILO, 2012: 13–14)
يعد تولي البلدان النامية زمام عملية إعداد السياسات من بين المبادئ الأساسية لإعلان باريس بشأن فعالية المعونات، الذي ينص على ما يلي:
لذا فإن الوضوح بشأن الأدوار أمر أساسي، ولا سيما فيما يتعلق بتولي زمام الأمور، خاصة عندما تشارك الوكالات الدولية في وضع السياسات.
ويشير إعلان باريس بوضوح إلى أن وضع السياسات عملية تقودها البلدان. فالحكومات الوطنية مسؤولة عن إعداد سياساتها واستراتيجياتها الموجهة نحو التنمية من خلال التشاور الواسع النطاق. وعندما يقدم المستشارون الدوليون أو الجهات المانحة المساعدة التقنية لوضع السياسات، يجب على الحكومات الوطنية التأكد من أن العملية مصممة لتنمية القدرات الوطنية.
ويشير أيضاً إطار عمل أكرا لعام 2008 إلى أن البلدان المتلقية للمعونات “ستعزز جودة تصميم السياسات”، وفي الوقت ذاته، يجب على الجهات المانحة الالتزام بـبناء قدرات الجهات الفاعلة في التنمية - البرلمانات، والحكومات المركزية والمحلية، ومنظمات المجتمع المدني، ومعاهد البحوث، ووسائل الإعلام والقطاع الخاص - بحيث يحري تمكينهم من أداء دور نشط في عملية وضع السياسة (OECD, 2005/2008: 16).
الشرط المسبق لإعداد السياسات الناجعة المعنية بالمعلم أن يكون لدى وزارة التعليم / إدارة التعليم الموارد البشرية اللازمة، مع الخبرة التقنية الكافية. وينبغي إجراء تقييم للاحتياجات التدريبية لضمان قدرة موظفي الخدمة المدنية والمسؤولين على إدارة عملية وضع السياسة العامة بفعالية. ويشير الإطار 4.10 إلى بعض الأقسام في وزارة التعليم مع أدوارها المهمة في وضع السياسات؛ ويتضمن الجدول 4.2 قائمة مراجعة لتقييم القدرات.
عادة ما تكون وحدات التخطيط التابعة لوزارة التعليم هي المسؤولة عن تنسيق جميع السياسات التعليمية. ويجب أن تكون في وضع يمكنها من إدارة العملية وتنسيقها بفعالية مع الإدارات الأخرى والخبراء الخارجيين، مثل الأكاديميين أو الخبراء القانونيين. وأن تمتلك معرفة شاملة بعملية وضع السياسة والمهارات التي تتطلبها هذه العملية، ويشمل ذلك وضع السياسات والتكاليف وإجراء البحوث
تعد الوحدات المالية التابعة لوزارة التعليم، أو وحدات السياسة الاجتماعية التابعة لوزارة المالية، عاملا ً أساسيا في تطوير السياسة بفعالية. وينبغي لها أن تكون قادرة على حساب تكاليف السياسة بدقة، وعلى دراية بقيود والتزامات الميزانية العامة. فعندما يكون لدى وزارة التعليم وحدات تمويلية، يجب لها أن تشارك بفعالية وأن تتفاوض مع فرق وزارة المالية.
|
|
|
|
|
كما ذكرنا سابقاً في هذا الفصل، فإن وزارة التعليم / إدارة التعليم هي جهة فاعلة رئيسية في تنظيم عملية إعداد السياسة المعنية بالمعلم. لذا يجب على الوزارة، في بداية عملية تطوير المعلمين، توضيح الخطوات والمراحل، وتحديد الهيئات المعنية التي ستُشارك، والإطار الزمني والتكاليف.
ويعد وضع السياسات وتنفيذها (الفصل الخامس) مشروعاً مكلفاً، ويستغرق وقتاً طويلا ً ومعقداً، تقنياً وسياسياً. ومن ثم، يعد توفير إطار زمني مناسب أمراً بالغ الأهمية لضمان دعم المعلمين وسائر الجهات المعنية للسياسة. ويمكن أن تكون خارطة الطريق مفيدة في تحديد كيفية تنفيذ أهداف السياسة وتحقيقها. على سبيل المثال، خُطِّط للإطار الاستراتيجي المتكامل لتعليم المعلمين في جنوب أفريقيا من خلال إطار زمني للتنفيذ الشامل للفترة الممتدة من عام 2011 إلى عام 2025. ولكل هدف ضمن هذه السياسة جدول زمني محدد للتنفيذ، ويشمل ذلك الإطار الزمني والموارد والأهداف.
ويمكن أن يساعد تحديد الأولويات بوضوح في تحديد الأطر الزمنية، والنظام الذي من خلاله ستحقق الأنشطة المحددة أهداف السياسة. وقد يعتمد نجاح بعض أهداف السياسة على أهداف سياسة أخرى ستحقق. لذلك، قد تعمل الأطر الزمنية لبعض الأنشطة أو أهداف السياسة كأساس لأنشطة أخرى. ومن ثم ، ينبغي تحليل العلاقات بين الجوانب المختلفة لأهداف السياسة وفهمها جيداً (Haddad, 1995; WHO, 2001; ILO, 2012).
وترد في قائمة المراجعة في الجدول 4.3 بعض الأسئلة الرئيسية التي يجب التطرق إليها عند وضع إطار زمني لخارطة الطريق.
|
|
|
|
|
نختتم هذا الفصل بتقديم دراسة حالة تفصيلية لإعداد السياسة المعنية بالمعلم في جنوب أفريقيا (الإطار 4.11). لإذ تقدم جنوب أفريقيا مثالاً مثيراً للاهتمام لعملية وضع السياسات والتقدم المحرز حتى الآن. وهي تشبه في نواح كثيرة دورة السياسة وإطار التخطيط - ويشمل ذلك جوانبها المتداخلة وغير المتسلسلة - التي نوقشت في هذا الفصل.
ويركز الفصل الخامس على الخطط والقدرة التنظيمية لتنفيذ السياسة الوطنية المعنية بالمعلم المتفق عليها.
قبل التحول الديمقراطي الكبير في عام 1994، كان تعليم المعلمين وتطويرهم مجزأين على أساس الفصل العنصري. وفي عام 1995، انتهت عملية الاستعراض بشأن تعليم المعلمين، التي أشارت إلى آثار أحكام الفصل العنصري، والتحديات التي تعترض تحسينها وخيارات معالجتها. وكان تعليم المعلمين من الاختصاصات التي تسيطر عليها المقاطعة، حيث تعمل 102 كلية تعليم بجودة متفاوتة، ومنخفضة بوجه عام، بعملياتها التشغيلية. وأعقب عملية الاستعراض اعتماد قواعد تعليم المعلمين ومعاييره لعام 1996، التي وصفت كفاءات ومؤهلات المعلمين والحد الأدنى من الكفاءات لكل تأهيل مهني. وفي المقابل، أعقب ذلك في عام 2000 وضع قواعد معلمي المعلمين ومعاييره، التي أصبح من خلالها تعليم المعلمين اختصاصاً محدداً على المستوى الوطني، حيث دمجت 120 كلية للتعليم في مؤسسات التعليم العالي. وحددت المعايير الجديدة لكفاءات المعلمين سبعة أدوار للمعلمين ومفاهيم الكفاءات التطبيقية والمتكاملة. ووصفت الوثيقة أيضاً إطار مؤهلات تعليم المعلمين بما يتماشى مع إطار المؤهلات الوطنية. والأهم من ذلك، ركزت هذه الوثائق على الكفاءات والمؤهلات، بلا الرجوع إلى السياق الأوسع لقضايا مثل العرض والطلب والتطوير المهني المستمر المعني بالمعلم.
وجرى ترشيد الكليات ودمجها في سياق مؤسسات التعليم العالي في الدولة. ومع أن الهدف من إغلاق الكليات ونقل تعليم المعلمين إلى مؤسسات التعليم العالي كان تحسين الجودة والمعايير، فإن عدداً من التأثيرات والصعوبات غير المقصودة قد طفت على السطح. أحدها كان مخصصات الدعم المنخفض لكليات التعليم، مما أدى إلى انخفاض معدلات الالتحاق. وقد أدى ذلك إلى قلق متزايد، في السنوات الماضية، بشأن انخفاض المعروض من المعلمين الجدد لنظام يتطلب المزيد من المعلمين الأفضل، وخاصة في مجالات المهارات النادرة مثل الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا والمرحلة التأسيسية والمواد الجديدة التي أدخلها المنهاج الدراسي الجديد.
وحدثت تطورات هيكلية مهمة: أُنشئ المجلس المعني بعلاقات العمل في مجال التعليم للتفاوض على اتفاقيات بين نقابات المعلمين التي تسجل معدلات عضوية عالية (88%) والدولة. وأدَّى المجلس دوراً مهماً في مجموعة متنوعة من القضايا المتعلقة بالسياسة المعنية بالمعلم، مثل الرواتب وظروف العمل وتقييم الأداء. أما بخصوص التطوير المهني للمعلم، فكان التقدم بطيئاً نوعاً ما.
والهيكل الإداري المهم والثاني الذي أُنشِئ هو مجلس المعلمين الجنوب أفريقي، الذي يمثل هيئة وطنية مسؤولة عن الاعتماد المهني للمعلمين ومدونة قواعد السلوك المهني الخاصة بهم. وقد عمل المجلس أيضاً على وضع المواصفات المطلوبة من أجل التطوير المهني. وقد فوِّض مؤخراً لإدارة نظام التطوير المهني المستمر للمعلم، الذي سيجعل مشاركة المعلمين في التطوير المهني إلزامية ومعترفاً بها.
وكانت جميع هذه التطورات مهمة وضرورية، ولكن كان هنالك شعور بين متخذي القرار الرئيسيين في هذا الشأن بالحاجة إلى نهج أكثر شمولاً لمعالجة حجم ووتيرة القضايا التي يواجهها هذا المجال. ونتيجة لذلك، أنشئت اللجنة الوزارية المعنية بتعليم المعلمين في عام 2001. وأُصدرَ تقرير شامل من ستة مجلدات، قدم نظرة على الوضع في ذلك الوقت، ووضع 42 توصية أوسع نطاقاً للنظر فيها. وتضمن التقرير مناقشات ومشاورات مكثفة مع جميع الوكالات والجهات الفاعلة الرئيسية في هذا الشأن. واعتمدت إدارة التعليم تقرير اللجنة الوزارية وحوَّلته إلى إطار السياسة الوطنية المعنية بتعليم المعلمين وتطويرهم، ووافقت عليه في نيسان / أبريل 2007. واستغرقت العملية اثني عشر عاماً من الوقت منذ بدء المناقشات في عام 1994.
وتشمل السياسة الوطنية المعنية بتعليم المعلمين وتطويرهم مجموعة من المجالات في التعليم المهني الأولي والتطوير المهني المستمر للمعلمين، وتتضمن قسماً بشأن أنظمة الدعم لتعليم المعلمين وتطويرهم. وتسعى تسمية هذين المجالين إلى تأكيد الاحترافية المهنية للمعلمين والاستمرارية القوية بين الإعداد الأولي للمعلمين وتطويرهم المستمر فيما يتعلق بممارسات التدريس. كما استخدمت السياسة عملية تطوير ذات نهج تشاوري واسع النطاق، يتألف من عروض تقديمية لمستويات مختلفة من متخذي القرار في وزارة التعليم، وإدارات التعليم الوطنية والإقليمية، والنقابات، وسائر الجهات المعنية الرئيسية.
وعطفاً على ما سبق، تشمل السياسة مجموعة من المجالات الرئيسية التي تتوافق مع تلك المحددة بوجه عام في أطر إعداد السياسات، سواء في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أو على الصعيد الدولي. وهي:
يمكنك الآن إجراء اختبار الفصل الرابع لمحاولة الحصول على شارتك لهذا الفصل.