المصدر ١: الأحاجي الخلفية
تم عقد ورشة عمل في إطار أنشطة وحدة التعليم والتنمية الريفية بمركز شندي ، شاركت فيها خمس مدارس من منطقة عطبرة والدامر المدرسة الشرقية ، مدرسة الدامر بنات ، مدرسة السكة الحديد ية ، مدرسة المنار . وقد حضر من كل مدرسة معلمان وتلميذ واحد وولي أمر واحد وواحد من أعضاء مجلس إدارة المدرسة.
وهدفت الورشة إلى التأمل الجماعي في قيمة الحكايات الشعبية (الأحاجي ) ودورها في تعليم الصغار والمجتمع المحلي، كما هدفت إلى وضع خطة حصيفة لاستخدام هذه الحكايات داخل المدرسة وخارجها.
فيما يلي تقرير حول النقاش الذي دار في مجموعات اليوم الأول للورشة، حيث قام المشاركون بإعداد تقارير حول أفكارهم وتعليقاتهم.
هل تتفق مع أفكارهم وتعليقاتهم؟
من هم الذين يقومون بسرد الأحاجي ، ولمن تسرد؟
قالوا بالإجماع إن من يسردها هم كبار السن من الجدات والأجداد، إضافة إلى الأطفال فيما بينهم في (المزرعة والمرعى ) والتلاميذ من الأولاد والبنات عند انضمامهم للمدرسة. كما يسردها المدرسون و تسردها محطات الإذاعة والتلفزيون.
لمن سردوها أو يقومون بسردها ؟
تسرد للأطفال والشباب وكبار السن
أين ومتى سردت أو تسرد الأحاجي؟
غالباً ما تستخدم غرفة المعيشة، واحيانا غرفة النوم، وفي بعض الحالات تسرد الأحاجي بينما ينعم الناس بالشمس قرب زريبة البهائم. الأماكن الأخرى هي شاطئ النهر ومناطق الرعي وغرفة حراسة المزرعة.
لماذا سردت وتسرد؟
للمتعة وتغذية العقل، والتذكير، والعبرة، والتحذير، ولتشجيع الروح الوطنية عبر تصرفات معينة، ولتوصيل الحصيلة اللغوية وتعقيداتها المتعددة مثل التشبيه والمصطلحات والأمثال والكلمات الجديدة التي دخلت المعاجم.
كيف سردت\تسرد؟ (طريقة الإلقاء)
كانت هنالك منافسة في سرد القصص والأحاجي, وكان الإلقاء عبارة عن فن، تدخل فيه الموسيقى والدعابة وتغيير الصوت. وللأحاجي التقليدية بداية ونهاية فريدة ربما تكون مثلاً حكمة أو أحجوة قصيرة .
هل تسرد الأحاجي حديثها وقديمها؟ لأي الأسباب يتم تأليف الأحاجي الجديدة؟
يتم استخدام الأحاجي القديمة والحديثة على السواء، وتقوم كل منها بنفس المهمة، أما الأحاجي الجديدة فتؤلف لمعالجة ما استجد في الحياة من أمور
هل عندك نسخ معدلة لأي حجوة ؟ عددها؟ هناك عدد قليل للغاية من الأحاجي المكتوبة (تم إعطاء بعض الأسماء): فاطمة السمحة- محمد الشاطر.
ما لوحظ أثناء الورشة إن المجموعة تذكرت عدداً قليلاً للغاية من الأحاجى وحتى ذلك لم يكن أمراً سهلاً وميسراً. قام شخص واحد فقط بتذكر ثلاثة، وبعضهم لم يتذكر ولا واحدة, ومن بين 23 مشاركاً، استطاع 19 فقط القيام بالمحاولة، فماذا يعني ذلك؟ والشئ المحير أكثر هو أن المشاركين قد ذكروا أسماء بعض الكتاب واقتباسات من القرآن على زعم أنها أمثلة لأحاجى.
أين وكيف تستخدم الأحاجي المكتوبة؟
تقرأ الأحجية الكتب مرات، وهذا يحدث في البيت حيث يتم تكرار حكي الأحجية المتعة والسرور. وتقرأ للأطفال في المدارس. وهي مفيدة للغاية لزيادة الحصيلة اللغوية للأطفال. والأحاجي المكتوبة التي توجد في المكتبات قليلة للغاية، وأحياناً يتم تمثيل الأحجوة على خشبة المسرح.
اللغة المستخدمة
اللغة المستعملة عادة هي العربية، وغالباً ما تكون باللهجة الدارجة، كما تستعمل لغة الأطفال الصغار، إضافة إلى كلمات تصاغ بطريقة تعكس الاحترام والتبجيل
ما هي الأحجية ؟
الأحاجى عبارة عن قصة قصيرة أو أحجية لها هدف معين. تحوي بعض التعاليم والدعابة والتحذيرات. وتقوم الأحجية بالإشادة والنقد والتصحيح، وتقوي الذهن ليفكرالإنسان بطريقة نقدية، وتخلق المفكر الحصيف والشخص الحكيم. وبعض الأحاجي عبارة عن أحداث حقيقية تحولت بمرور الزمن إلى أحاجي، بعضها تمت صياغته لوخز الضمير على وجه الخصوص بغرض التخفيف من حدة حوادث الماضي وتعليم الناس فضائل التواضع والحياء.
ما هي ملاحظات المشاركين في الورشة؟
شعر المشاركون أن التمرين قد ذكرهم بمن هم ؟ وأصلهم كأمة لها تاريخ وتراث، وتعرفوا من خلال الورشة على أهمية بعض جوانب الحياة التي لم يكونوا يأبهون لها كثيراً.
لا يوجد حالياً من يستخدم ثقافة حكي القصص بالطريقة التي كانت تتم بها في الماضي، وضعف الأحاجى صاحبها فقدان للزمن الرائع، الذي كانت تقضيه العائلة مع بعضها البعض ، وضعف الرابط الذي يسود البيت نتيجة . أطفالنا الآن لا يستمعون إلينا بصفتنا أعضاء في أسرة واحدة، لأنهم لم يتعودوا على ذلك الأمر، فنحن لا نخصص الوقت الكافي للتدريس والتعليم الغير رسمي، كما لا نجلس معهم لمناقشة الأمور صغيرها وكبيرها. أولادنا وبناتنا معتادون على أقرانهم، الذين يخصصون لهم ما يكفي من الوقت، ويتكلمون معهم بما يفهمون من لغة وأساليب، ويقوم هؤلاء الأقران بالتأثير على أولادنا وتضليلهم أحياناً وذلك لأننا كآباء وأمهات منشغلون عنهم.
إن للآباء والأمهات مقدرة يحسدون عليها في طرح السؤال الأعرج، "من أين لك بهذه المعلومات؟"، وكأنهم كان لهم السبق في تقديم معلومات أساسية يمكن الاعتماد عليها. إننا نقف عاجزين عندما يحين دورنا في التدريس والتحذير والتوجيه، ونحن نلوم الحكومة عندما يحدث خطأ، حتى لو كان ذلك في حياتنا الخاصة، ودائماً ما نلجأ لتحميل اللوم للآخرين. لقد قامت الورشة بفتح أعيننا لنرى الحاصل وفتحت آذاننا لنسمع جرس ساعة المنبه، ونستيقظ من نومنا العميق.
وكان الآباء في غاية التأثر عندما أدركوا بصورة واضحة، ما لحق بالأمة من ضرر، بسبب هذا النوع من الإهمال الذي حدث بحجة التركيز على اللحاق بركب التجديد والحداثة.
( أيها الآباء والأمهات، الرجاء مسح هذه الدموع- لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس
المصدر الأصلي: مقتطف من تقرير ورشة الأحاجي التقليدية، في مركز شندى – ولاية نهر النيل.
دراسة الحلقة ٣: