4.1.1 التشاور المستمر والهادف طوال عملية صياغة السياسة

يجب إجراء المشاورات مع مجموعات المصالح طوال عملية وضع السياسة المعنية بالمعلم؛ ومع ذلك، فإن التشاور مع مختلف الجهات المعنية ومجموعات المصالح بعد صياغتها أمر مهم أيضاً.

وتشمل المجموعات التي يجب استشارتها الهيئات الحكومية المحلية (حيثما وجدت)، والوزارات الأخرى ناهيك عن وزارة التعليم، ومنظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية، والوكالات الدولية، وهيئات التعليم الخاص، والمعلمين، وأولياء الأمور والمتعلمين، والمنظمات التي تمثلهم.

وتضمن المشاركة الواسعة والأصوات المتنوعة في عملية وضع السياسة الاستماع لاهتمامات ووجهات نظر مختلف الجهات الفاعلة وأخذها بعين الاعتبار. كما أنه يزيد من احتمال حصول السياسة، بمجرد اكتمالها، على دعم الجمهور وأصحاب المصلحة وموظفي الخطوط الأمامية المتوقع منهم تنفيذها، والممولين والجهات المانحة (UNESCO and UNICEF, 2013). ولعملية التشاور تأثير حاسم في الاستجابة العامة للسياسة بمرحلة تنفيذها، ومن ثم تأثير في نتائجها ومخرجاتها (Adams, 2001; ILO/UNESCO, 2003; Ratteree, 2004; VSO, 2002a; VSO, 2002b; VSO, 2002c).

وينبغي مراعاة القوى والسياقات السياسية عند الدعوة إلى التشاور وتنسيق المشاركة (Lewis and Naidoo, 2004). وأن يضمن التنسيق أن لكل مشارك صوتاً يُحترم ويؤخذ بعين الاعتبار، بغض النظر عن قوته أو تأثيره داخل أو خارج عملية وضع السياسة (ILO/UNESCO, 2003; ILO/UNESCO, 2008; VSO, 2002a; VSO, 2002b; VSO, 2002c). وكما جادل الكثيرون، يجب أن تشمل هذه العملية الشاملة الطلاب أيضاً، مثلما تشمل المعلمين (Flutter and Ruddock, 2004; Morgan, 2011; Pedder and McIntyre, 2006; Ratteree, 2004; Thompson, 2009).

ونادراً ما يكون اختيار خيارات السياسة لتحقيق أهدافها واضحاً تماماً، حيث قد تعالج الاستراتيجيات المختلفة القضية نفسها. ويمكن أن تصبح عملية التشاور مكثفة وتحدث خلافات بشأنها، مما يتطلب التفاوض بين مجموعات المصالح. ومن ثم، تعد عملية التشاور حاسمة في اعتماد خيارات السياسة، ولا سيما عند اقتراح استراتيجيات وعمليات تدخل بديلة لمعالجة المشكلات والقضايا المحددة. والكل يعلم بأن الحوار الاجتماعي والتشاور يتخذ أوجهاً مختلفة في بلدان مختلفة. ففي نيجيريا، تضمّن التشاور إجراء مسح للرأي العام في مناطق مختارة (الإطار 4.1)

الإطار 4.1: مثال على الصعيد القُطري/ التشاور بشأن السياسة المعنية بالمعلم في نيجيريا

تضمنت عملية تطوير السياسة المعنية بالمعلم تعاون فرق عمل اللجنة الوطنية لأساليب التدريس وممارساته مع اليونسكو والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال مشروع «ENHANSE» (تمكين القطاع الاجتماعي من التعامل مع فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز والسل). و تمحورت أهداف فرق العمل حول تقييم السياسة الحالية المعنية بتعليم المعلمين في نيجيريا، وتحديد المشكلات وتحليلها والتأكد منها، وتقديم توصيات للحكومة والجهات المعنية بمجال التعليم لوضع سياسة وطنية شاملة. وتضمنت العملية مجموعة واسعة من الجهات المعنية المشاركة بنشاط في تحديد المشكلات.

وتضمنت عملية إعداد السياسات اجتماعات ومشاورات في ست ولايات في البلد، باستخدام الاستبيانات ورصد واقع الفصول الدراسية، وإجراء المقابلات وعقد المناقشات. وكانت النتيجة تحديد العديد من خيارات السياسة، ويشمل ذلك: وجوب التطوير المهني الإلزامي للمعلم، وإعادة العمل بنظام اعتماد المعلم وترخيصه المهني، وعمل مدونة لقواعد السلوك المعنية بالمعلمين، وتوافر الحد الأدنى من المؤهلات والخبرة العملية للمعلمين، ووضع متطلبات جديدة لتعيين مفتشي المدارس، ومأسسة الإشراف المنتظم على المدارس.

(UNESCO, 2007).) : المصدر

وكما لوحظ في الفصل الثاني، فإن إشراك نقابات المعلمين في إصلاح التعليم ليس حقاً فقط، ولكنه ضروري أيضاً للتنفيذ الناجح. وإن مشاركة المعلمين في التعليم وفي إعداد السياسة المعنية بالمعلم هي أكثر من مجرد تشاور بسيط؛ فيجب إشراك المعلمين مشاركة جوهرية في تحديد التغييرات اللازمة وتطبيقها لتحسين جودة التعليم (مرحلة التنفيذ)، وإدراك أن المعلمين مهنيون محترفون. وفي هذا الصدد، تؤدي نقابات المعلمين دوراً حاسماً في التأثير في السياسات واستقلالها. ويتضمن استعراض مشاركة نقابات المعلمين في التعليم في أمريكا اللاتينية (Gindin and Finger, 2013) عدة أمثلة لكيفية إسهام نقابات المعلمين في تعزيز الجودة والإنصاف. ويسلط المؤلفون الضوء على حالة بوليفيا (دولة متعددة القوميات)، حيث أدّت نقابة المعلمين، واتحاد معلمي التعليم الريفي في بوليفيا، دوراً رئيسياً في الدعوة إلى تعليم لغة السكان الأصليين لمجموعات السكان الأصليين غير المتحدثين بها (Gindin and Finger 2013:17–20). ويشيرون إلى أن النقابة كانت من المدافعين المهمين عن حقوق تعليم السكان الأصليين في بوليفيا، مما يضمن أن هذه الحقوق مكرسة دستورياً.

4.1 المراحل الرئيسية

4.1.2 المرحلة الأولى: تحديد القضية ووضع جدول الأعمال